فهرس الكتاب
الصفحة 238 من 595

معنى قول عمر (فلته) أي فجأة دون استعداد لها ومن دون أن يتهيئوا لها فوقى الله شرها، أي فتنتها، وعلل لذلك بقوله مباشرة « وليس فيكم من تُقطعُ الأعناق إليه مثل أبي بكر» أي ليس فيكم من يصل إلى منزلة أبي بكر وفضله، فالأدلة عليه واضحة، واجتماع الناس إليه لا يحوزها أحد.

يقول الخطابي « يريد أن السابق منكم الذي لا يلحق في الفضل لا يصل إلى منزلة أبي بكر، فلا يطمع أحد أن يقع له مثل ما وقع لأبي بكر من المبايعة له أولاً في الملأ اليسير ثم اجتماع الناس عليه وعدم اختلافهم عليه لما تحققوا من استحقاقه، فلم يحتاجوا في أمره إلى نظر ولا إلى مشاورة أخرى، وليس غيره في ذلك مثله» .

وكان سبب قول عمر هذا أنه علم أنّ أحدهم قال (لو مات عمر لبايعت فلاناً) أي يريد أن يفعل كما حدث لأبي بكر.

وهذا يتعذّر، بل ويستحيل أن يجتمع الناس على رجل كاجتماعهم على أبي بكر. لا سيما وأن جميع الصحابة عرفوا منزلة أبي بكر من النبي وأن خلافة أبي بكر إرادة نبوية:

عرفت من خلال أمره لأبي بكر أن يصلي بالناس.

وعرفت من خلال ما روته عائشة وهي الصديقة بنت الصديق قالت: « لما ثقل رسول الله ? قال رسول الله ? لعبد الرحمن بن أبي بكر ائتني بكتف أو لوح حتى اكتب لأبي بكر كتابا لا يختلف عليه فلما ذهب عبد الرحمن ليقوم قال ( أبي الله والمؤمنون ان يُختلف عليك يا أبا بكر» (رواه احمد في المسند وصححه الألباني) .

فمن أراد أن ينفرد بالبيعة دون ملأ من المسلمين الذين اطلعوا على هذه القرائن النبوية فسيعرّض نفسه للقتل، وهذا هو معنى قول عمر (تغرةً أن يقتلا) أي من فعل ذلك فقد غرر بنفسه وبصاحبه وعرّضهما للقتل. السبب: قول عمر: وليس فيكم من تُقطعُ الأعناق إليه مثل أبي بكر.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام