وهو التفضيل المبني على التعصب. أو كما قال ابن كثير « التفضيل بمجرد الآراء والعصبية وأن مقام التفضيل ليس إليكم» (تفسير ابن كثير1/305) . وذهب الحافظ إلى أن التفضيل في حق النبوة نفسها كقوله تعالى ( لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِه( ولم ينه عن تفضيل بعض الذوات على بعض لقوله (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ(. أو أن يكون التفضيل بجميع أنواع الفضائل أو أن يكون مبنيا على التفريق»(فتح الباري6/446) .
قلت: وفي نص الحديث ما يفيد ذلك. فإنه إرشاد لمن غضب من قول اليهودي (والذي اصطفى موسى على البشر) فرد عليه قائلا (والذي اصطفى محمدا على البشر) . فإن كان التفضيل بهذا النحو فهو منهي عنه. وإن كان التفاضل بعلم من عند الله فليس منهيا عنه.
وورد النص صريحا في عدم التفضيل على موسى واقترن باللفظ ما جعل النبي ( يفضل موسى عليه بشيء خاص وهو شك النبي ( هل كان موسى مما استثناهم الله من الصعق؟ وكأنه يقول إذا ثبت ذلك فهو أفضل مني في هذه. وإذا كان كذلك فلا يجوز فهم تفضيل موسى عليه بإطلاق.
وخلاصة الأقوال في ذلك:
أن يكون النبي قاله قبل أن يعلمه الله بأنه سيد ولد آدم فلما علم به أخبر به.
أن النهي إنما هو عن تفضيل يؤدي إلى تنقيص المفضول.
أن النهي إنما هو عن تفضيل يؤدي إلى الخصومة والفتنة كما في قصة اليهودي.
أن النهي إنما هو عن تفضيل في ذات النبوة، وإنما يكون التفاضل بالخصائص التي بينها الله بين الأنبياء (شرح صحيح مسلم15/36) .