س: ولماذا قالت الأشاعرة بهذا القول؟
ج: لأن كلام الله عندهم معنى قائم في نفسه، وهذا المعنى غير مخلوق، أما هذه الألفاظ المقروءة فهي عبارة عن ذلك المعنى القائم بالنفس وهي مخلوقة ولا يقال إنها حكاية عنه.
س: ما هو الفرق بين قول الكلابية وقول الأشعرية؟
ج: بعض العلماء يقول: إن الخلاف بين الكلابية والأشاعرة خلاف لفظي لا طائل تحته؛ فالأشاعرة والكلابية يقولون: القرآن نوعان: ألفاظ ومعان، فالألفاظ مخلوقة هي هذه الألفاظ الموجودة، والمعاني قديمة قائمة بالنفس وهي معنى واحد لا تبعض فيه ولا تعدد. وعلى كل حال فالقولان إن لم يكونا متفقين فهما متقاربان.
س: كيف أشار المؤلف رحمه الله إلى بطلان هذين القولين؟
ج: بقوله: (ولا يجوز إطلاق القول بأنه حكاية عن كلام الله) أي: كما تقول الكلابية (أو عبارة عنه) كما تقول الأشاعرة (بل إذا قرأه الناس أو كتبوه في المصاحف لم يخرج بذلك عن أن يكون كلام الله حقيقة) أي: أن القرآن العظيم كلام الله ألفاظه ومعانيه أين وجد، سواء حفظ في الصدور أو تلي بالألسنة أو كتب في المصاحف لا يخرج بذلك عن أن يكون كلام الله تعالى حقيقة.
س: وبماذا استدل المؤلف رحمه الله على ذلك؟
ج: بقوله: (فإن الكلام إنما يضاف حقيقة إلى من قاله مبتدئًا لا إلى من قاله مبلغًا مؤديًا) ؛ فإن المبلغ المؤدي إنما يسمى واسطة فقط. قال تعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللَّهِ} والسماع المذكور في هذه الآية إنما يكون بواسطة المبلغ وسمي المسموع كلام الله، فدل على أن الكلام إنما يضاف إلى من قاله مبتدئًا.
س: ما هو الفرق في هذه المسألة بين قول المعتزلة من جهة، وقول الكلابية والأشاعرة من جهة أخرى؟
ج: أن المعتزلة يقولون: إن كلام الله الحروف دون المعاني، أما الكلابية والأشاعرة فيقولون بعكس ذلك.