س: قال تعالى {مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}
ما هو سبب نزول هذه الآية الكريمة؟ وما سبب تخصيص هذه الأعداد؟ وما معنى أن الله سبحانه هو {رابعهم} أو {سادسهم}
ج: 1 - سبب نزول الآية:
قال المفسرون: إن المنافقين واليهود كانوا يتناجون فيما بينهم، ويوهمون المؤمنين أنهم يتناجون فيما يسوؤهم فيحزنون لذلك، فلما طال ذلك وكثر، شكوا إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فأمرهم أن لا يتناجون فيما يتناجوا دون المسلمين فلم ينتهوا عن ذلك وعادوا إلى مناجاتهم فأنزل الله هذه الآيات.
2 -وسبب تخصيص هذين العددين بالذكر:
أ - لأن أقل عادات المتناجين أن يكونوا ثلاثة أو خمسة.
ب - أو أن سبب النزول تناجي ثلاثة في واقعة وخمسة في واقعة أخرى.
وإلا فهو سبحانه مع كل عدد قل أو كثر ولهذا قال تعالى: {وَلا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ} أي: ولا أقل من العدد المذكور كالواحد والاثنين ولا أكثر منه كالستة والسبعة {إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ} بعلمه يعلم ما يتناجون به ولا يخفى عيه شيء منه، وقوله تعالى: {أَيْنَ مَا كَانُوا} معناه: إحاطة علمه سبحانه بكل تناج يقع منهم في أي مكان {ثُمَّ يُنَبِّئُهُم} أي يخبرهم سبحانه {بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ} ويجازيهم على ذلك وفي هذا تهديد لهم وتوبيخ {إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} لا يخفى عليه شيء.
3 -ومعنى قوله {إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ} أي: جاعلهم أربعة وجاعلهم ستة من حيث إنه سبحانه يشاركهم في الاطلاع على تلك النجوى.
س: هل هناك ما يشير إلى أن المعية المقصودة في الآية السابقة هي معية العلم؟ وما هو الشاهد من هذه الآية؟
ج: [مما يشير إلى أن المعية هي معية العلم كما] يقول الإمام أحمد رحمه الله: (( أن الله سبحانه افتتح الآية بالعلم واختتمها بالعلم ) ).
والشاهد من الآية: أن فيها إثبات معية الله لخلقه، وهي معية عامة مقتضاها الإحاطة والعلم بجميع أعمالهم.