وردت الفتنة في السنة على معان منها:
1_ القتال: عن أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ - رضي الله عنهما - قَالَ أَشْرَفَ النَّبِيُّ - عليه السلام - عَلَى أُطُمٍ [1] مِنْ آطَامِ الْمَدِينَةِ فَقَالَ: (هَلْ تَرَوْنَ مَا أَرَى قَالُوا لا قَالَ فَإِنِّي لأَرَى الْفِتَنَ تَقَعُ خِلالَ بُيُوتِكُمْ كَوَقْعِ الْقَطْرِ) [2] ، وقد فسر الفتنة في الحديث بالقتال الحافظ ابن حجر - رحمه الله -، وذكر من الأمثلة عليه قتل عثمان بن عفان - رضي الله عنه -. [3]
2_ الفتنة بمعنى (وقوع بأس الأمة بينهم) وهو راجع إلى الأول، فعن حُذَيفةَ بن اليمان - رضي الله عنه - قال: «بَينا نحنُ جُلوس عندَ عمرَ إذ قال: أيكم يَحفَظُ قولَ النبيِّ - عليه السلام - في الفتنة؟ قال: فتنة الرجلِ في أهله ومالِهِ وَوَلدِهِ وجارِه يكفِّرُها الصلاة والصدَقة والأمرُ بالمعروفِ والنهي عنِ المنكر.
قال: ليس عن هذا أسألكَ، ولكنِ التي تموج كموج البحر؟.
فقال: ليس عليكَ منها بأس يا أميرَ المؤمنين، إنَّ بينك وبينها باباً مَغلقاً. قال عمرُ: أيُكسَرُ الباب أم يُفتح؟ قال: لا بل يُكسَر.
قال عمرُ: إذاً لا يغلقُ أَبداً. قلتُ: أجل.
قلنا لحذيفة: أكان عمرُ يَعلم البابَ قال: نعم، كما يعلم أنَّ دُونَ غدٍ ليلةً، وذلكَ أني حدَّثته حديثاً ليس بالأغاليط، فهِبْنا أن نسألَه من الباب، فأَمرْنا مسْروقاً فسأله، فقال: مَنِ الباب؟ قال: عمرُ). [4]
(1) أُطُم: بضم الألف والطاء، بناء مرتفع، وجمعه آطام، وهي الأبنية المرتفعة كالحصون. انظر: النهاية لابن الأثير 1/ 54.
(2) أخرجه البخاري، كتاب الفتن، باب قَوْلِ النَّبِيِّ - عليه السلام: وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدْ اقْتَرَب 6/ 2589 (6651) .
(3) انظر: فتح الباري 13/ 16.
(4) أخرجه البخاري كتاب الفتن، باب الفتن التي تموج كموج البحر 6/ 2599 (6683) ، ومسلم، كتاب الإيمان، باب بيان أن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً وإنه يأرز بين المسجدين 1/ 231 (144) .