يَذُم الله الإنسان بأنواع الفتنة في كل مكان نحو قوله: {وَالفِتنَةُ أَشَدُّ مِنَ القَتْلِ} [البقرة:191] {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا المُؤْمِنِينَ} [البروج: 10] ،
{مَاأَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفاتِنِينَ} [الصافات: 162] أي: بمضلين، وقوله:
{بِأَييِكُمُ المفْتُونُ} [القلم: 6] وكقوله: {وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللهُ إِلَيْكَ} [المائدة: 49] ) [1] .
د_ وقال علي بن محمد الجرجاني [2] - رحمه الله: (الفتنة: ما يتبين به حال الإنسان من الخير والشر، يقال: فتنت الذهب بالنار إذا أحرقته بها لتعلم أنه خالص أو مشوب، ومنه الفتان وهو الحجر الذي يجرب به الذهب والفضة) [3] .
مما سبق يتبين أن هناك علاقة بين معاني الفتنة في اللغة ومعناها في الشرع وهو يكْمُن في كون الفتنة تُظهر المؤمن الصادق من الدَّعِي، وتُنبئ عن سوء طويَّة من لم يستقر الإيمان في قلبه، وتُخرج الدَّغْل من قلوب المؤمنين، فيخرجوا بعد البلاء بقلوب صافية، وأفئدة مؤمنة، كما يحصل عند إدخال الذهب أو الفضة في النار، فيذهب الخَبَث، ويبقى الجيد. [4]
(1) المفردات في غريب القرآن ص 372
(2) الجرجاني: هو علي بن محمد بن علي المعروف بالشريف الجرجاني، من كبار علماء اللغة العربية، ولد عام 740 هـ، ودرس في شيراز، ورحل إلى سمرقند، وتوفي عام 816 هـ، وله مصنفات متعددة منها: شرح مواقف الإيجي، وشرح السراجية في الفرائض، وغيرها. انظر: الأعلام 5/ 7، وهداية العارفين 1/ 728.
(3) التعريفات، علي بن محمد الجرجاني، تحقيق: إبراهيم الأبياري، ط الثانية (بيروت: دار الكتاب العربي، 1413 هـ) ص 212.
(4) انظر: موقف المسلم من الفتن، حسين بن محسن أبو ذراع الحازمي، ط الأولى (الرياض: مكتبة أضواء السلف 1420 هـ/ 2000 م) ص 37.