أ_ قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله: (وأصل الفتنة: الاختبار، ثم استعملت فيما أخرجته المحنة والاختبار إلى المكروه، ثم أطلقت على كل مكروه أو آيل إليه، كالكفر والإثم والتحريق والفضيحة والفجور وغير ذلك) [1] .
و قال أيضاً: (ومعنى الفتنة في الأصل: الاختبار والامتحان، ثم استعملت في كل أمر يكشفه الامتحان عن سوء، وتطلق على الكفر، والغلو في التأويل البعيد، وعلى الفضيحة والبلية والعذاب والقتال والتحول من الحسن إلى القبيح والميل إلى الشيء والإعجاب به، وتكون في الخير والشر كقوله تعالى {ونبلوكم بالشر والخير فتنة} ) [2] .
ب_ وعرفها الزمخشري ووصفها بقوله: (والفتنة: الامتحان بشدائد التكليف من مفارقة الأوطان ومجاهدة الأعداء وسائر الطاعات الشاقة، وهجر الشهوات والملاذ بالفقر والقحط وأنواع المصائب في الأنفس والأموال، وبمصابرة الكفار على أذاهم وكيدهم وضرارهم) [3] .
ج_ وقال الراغب الأصفهاني - رحمه الله: (أصل الفَتْنِ: إدخال الذهب النار لتظهر جودته من رداءته، واستُعمل في إدخال الإنسان النار، قال: {يوْمَ هُمْ عَلى النَّارِ يُفْتَنُونَ} .... ) [4] [الذاريات: 13] .
وقال أيضاً: (والفتنة من الأفعال التي تكون من الله تعالى ومن العبد، كالبلية والمصيبة والقتل والعذاب، وغير ذلك من الأفعال الكريهة، ومتى كان من الله يكون على وجه الحكمة، ومتى كان من الإنسان بغير أمر الله يكون بضد ذلك [5] ولهذا
(1) فتح الباري 13/ 5.
(2) المرجع السابق 2/ 11.
(3) الفائق في غريب الحديث 3/ 182.
(4) المفردات في غريب القرآن ص 371، وفتح الباري 13/ 5.
(5) أي: متى كانت الفتنة من الإنسان بغير أمر الله فهي مذمومة، فقد ذم الله الإنسان بإيقاع الفتنة، كما في الآيات المذكورة في آخر كلام الراغب هذا. انظر:: الفتح 13/ 5.