فهرس الكتاب
الصفحة 286 من 437

ثم فتنة لا يبقى بيت من العرب إلا دخلته، ثم هدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر، فيغدرون فيأتونكم تحت ثمانين غاية، تحت كل غاية اثنا عشر ألفا) [1] .

فهل هذا الفتح هو الذي وقع في عهد عمر، أو في عهد فتح صلاح الدين، أو هو الفتح الذي ينتظر أهل الإسلام وقوعه؟.

يقول محمد بن رسول البرزنجي - رحمه الله - مبيناً تكرر الفتح:(وقد فتح مرتين: مرة في زمن عمر - رضي الله عنه -، ومرة في زمن الأكراد الأيوبية، فتحه السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب الملك الناصر، وكان من أعظم فتوح الإسلام، ثم بعد موته رده بعض أولاده إلى النصارى، ثم استرده حفيده داود الملك الناصر، وأنشد في ذلك بعض الشعراء يهنيه:

المسجد الأقصى له عادة سارت فصارت مثلاً سائرا

إذا غدا بالكفر مستوطنا أن يبعث الله له ناصرا

فناصر طهره أولا وناصر طهٍره آخرا) [2] .

وتكرر الفتح واقع ملموس لا يجادل فيه، ولكن الذي قد يقع فيه المنازعة أيها مقصود الحديث، فمعرفة قصد الشارع في مثل هذا يكون بالنظر في النص، وتقليبه عل فيه قرينة تدل على المراد.

وقد ذكر شراح الحديث أن الموتين المذكور ما وقع من طاعون عمواس، واستفاضة المال في عهد عثمان من الفتوح، والفتنة ما وقع من فتنة عثمان - رضي الله عنه - والقصد أن فتح بيت المقدس في عهد عمر - رضي الله عنه - هو المنسجم في هذا الترتيب.

وقد أشار الحافظ ابن حجر - رحمه الله - إلى هذا فقال: (ويقال: إن هذه الآية [موتان يأخذ فيكم كقعاص الغنم] ظهرت في طاعون عمواس في خلافة عمر،

(1) أخرجه البخاري كتاب الجزية، باب ما يحذر من الغدر 3/ 1159 (3005) .

(2) الإشاعة ص 109.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام