وعلى كل حال فينبغي التحقق من الواقع حتى ينطبق النص عليه بجميع تفصيلاته وصفاته، وأن لايتعلق بصفة طابقت النص ويتغافل عن صفات أخرى، وهذا يقودنا إلى الضابط التالي.
2_ عدم محاولة افتعال واقع معين أو أحداث لتنزل عليها النصوص:
نصوص الفتن وأشراط الساعة من قبيل نصوص الأخبار التي يعلم بها ماسيقع، وليست من باب الإنشاء الذي يراد منها التكلف في تنزيلها على الوقائع والحوادث
ولذلك نجد أن أهل العلم في كتب الفتن وأشراط الساعة، يبينون تلك النصوص ويؤمنون بأنها سوف تقع كما ورد، سواء في زمانهم أو في أزمنة أخرى، ويبذلون الوسع في فهم النص وبيان الواجب على المكلف فعله.
ولم يقوموا بإفتعال واقع أوحدث، أو يبحثوا عنه لتنزل عليه النصوص.
يقول الإمام ابن قدامة المقدسي - رحمه الله: (ويجب الإيمان بكل ما أخبر به النبي - عليه السلام - وصح به النقل عنه فيما شاهدناه أو غاب عنا، نعلم أنه حق وصدق، وسواء في ذلك ما عقلناه وجهلناه، ولم نطلع على حقيقة معناه ... ومن ذلك أشراط الساعة مثل خروج الدجال، ونزول عيسى ابن مريم - عليها السلام - فيقتله، وخروج يأجوج ومأجوج، وخروج الدابة، وطلوع الشمس من مغربها، وأشباه ذلك مما صح به النقل) [1] .
ويقول الحافظ ابن كثير - رحمه الله: (فهذا كتاب الفتن والملاحم في آخر الزمان مما أخبر به رسول الله - عليه السلام - وذكر أشراط الساعة، والأمور العظام التي تكون قبل يوم القيامة مما يجب الإيمان به لإخبار الصادق المصدوق عنها الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى) [2] .
ويقول الشيخ محمد إسماعيل المقدم: (ومن العبث بأشراط الساعة: تكلف بعضهم اصطناع هذه الأشراط، وإيجادها في الواقع عنوة، حتى إن من مدعي المهدية
(1) لمعة الاعتقاد، ط. الرابعة (بيروت: المكتب الإسلامي 1395 هـ) ص 28 _31.
(2) النهاية في الفتن والملاحم 1/ 11.