فهرس الكتاب
الصفحة 270 من 437

والتروي، خاصة أن الواقع أحياناً قد يتسبب في استعجال الإنسان، فيصدر أحكاماً قبل وضوح الصورة، أو تدعوه النفس إلى إظهار ماوتوصل إليه ليحوز منه منصباً أو شهرة، أو سبقاً إعلامياً وعلمياً.

والفتن إذا أقبلت عرفها العالم، وإذا أدبرت عرفها كل جاهل كما قال الحسن البصري - رحمه الله - [1] .

قال أبو حاتم - رحمه الله: (الرافق لا يكاد يسبق، كما أن إن العاجل لا يكاد يلحق، وكما أن من سكت لا يكاد يندم، كذلك من نطق لا يكاد يسلم، والعجِل يقول قبل أن يعلم، ويجيب قبل أن يفهم، ويحمد قبل أن يجرب، ويذم بعد ما يحمد، يعزم قبل أن يفكر، ويمضي قبل أن يعزم، والعَجِل تصحبه الندامة، وتعتزله السلامة، وكانت العرب تكنى العَجلة أم الندامات) [2] .

وقال حفص بن غياث: قلت لسفيان الثوري: (يا أبا عبدالله، إن الناس قد أكثروا في المهدي، فما تقول فيه؟) ، قال: (إن مر على بابك فلا تكن منه في شئ حتى يجتمع الناس عليه) [3] .

ويتأكد التأني والتثبت والتحقق إذا كان التنزيل مما يترتب عليه عمل ومن أمثلته:

أ_ أن الأصل في الإسلام الخلطة، والخلطة في الأصل خير من العزلة، فإذا حكم المرء خطأً على زمن بأنه زمان قول النبي - عليه السلام: (يوشك أن يكون خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر، يفر بدينه من الفتن) [4] فرتب على ذلك وجوب اعتزال الناس، أو مشروعيته كان مخطئاً بل منحرفاً.

(1) أخرجه أبو نعيم الأصفهاني في حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، ط. بدون (بيروت: دار الفكر، بدون) 9/ 24.

(2) روضة العقلاء ونزهة الفضلاء، تحقيق: محمد عبدالرزاق حمزه ومحمد حامد الفقي، ط. بدون

(بيروت: دار الكتب العلمية 1397 هـ/1977 م) ص 216.

(3) حلية الأولياء 7/ 31.

(4) أخرجه البخاري، كتاب الإيمان، باب من الدين الفرار من الفتن 1/ 15 (19) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام