فهرس الكتاب
الصفحة 165 من 437

ونصوص الفتن وأشراط الساعة ليست بدعاً من نصوص الشارع فتفسركيفما شاء الناس، وإنما ينبغي أن تفسر وفق مفهوم سلف هذه الأمة لقربهم من تنزل الوحي، وعلى مقتضى لغة العرب التي نزل بها، ولذا نرى حرص الصحابة على تفهم معاني أحاديث الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وسؤالهم عما يشكل عليهم فيما يتعلق بأحاديث الفتن وأشراط الساعة ومن ذلك:

-عن أبو هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: (إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة قال: كيف إضاعتها يا رسول الله؟ قال: إذا اسند الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة) [1] .

فلم يعتمد أبو هريرة في تفسير الإضاعة على فهمه، وإنما سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن معناه.

-وعنه - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: (يتقارب الزمان وينقص العمل ويلقى الشح ويكثر الهرج، قالوا: وما الهرج؟ قال: القتل، القتل) [2] .

وغيرها من النصوص الدالة على هذا المعنى.

فإذا كان هذا حال الصحابة يسألون النبي - صلى الله عليه وسلم - عن معنى لفظة من الحديث لم يتبين لهم معناها، فغيرهم من باب أولى وأحرى.

ولذا لا بد من مراجعة كلام أهل العلم لتُتفهم النصوص أولاً، فإن فُهمت كان التنزيل بشرطه ثانياً.

وقد سُلِكتْ مناهج وطرق مختلفة لفهم هذه النصوص، مما ترتب عليه إهمال شروح العلماء على الأحاديث، والادعاء بأنها كانت متعلقاً بفترة زمنية معينة عاش فيها الشارح، أما الناس فإن لكل منهم أن يفهم من النصوص ما تدل عليه لغة

(1) أخرجه البخاري، كتاب العلم، باب فضل العلم 1/ 33 (59) .

(2) تقدم تخريجه ص 116.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام