فهرس الكتاب
الصفحة 123 من 437

ويدل عليه مامضى في المثال السابق من حيث عدم الجزم بمعنى من المعاني.

ومن ذلك أيضاً تحديد بعض الأماكن التي ورد ذكرها في بعض النصوص، كتحديد المنارة التي ينزل عندها عيسى - عليها السلام -، فقد وقع الخُلف من العلماء في تحديد مكانها.

قَالَ الإمام النَّوَوِيّ - رحمه الله: (وَهَذِهِ الْمَنَارَة مَوْجُودَة الْيَوْم شَرْقِيّ دِمَشْق) [1] .

وقال الإمام ابن كثير - رحمه الله: (هذا هو الأشهر في موضع نزوله، أنه على المنارة البيضاء الشرقية بدمشق، وقد رأيت في بعض الكتب أنه ينزل على المنارة البيضاء شرقي جامع دمشق، فلعل هذا هو المحفوظ، وتكون الرواية فينزل على المنارة البيضاء الشرقية بدمشق فتصرف الراوي في التعبير بحسب ما فهم، وليس بدمشق منارة تعرف بالشرقية سوى التي إلى شرق الجامع الأموي، وهذا هو الأنسب والأليق؛ لأنه ينزل وقد أقيمت الصلاة، فيقول له: يا إمام المسلمين، يا روح الله، تقدم، فيقول: تقدم أنت فإنها أقيمت لك، وفي رواية: بعضكم على بعض أمراء، يكرم الله هذه الأمة.

وقد جدد بناء المنارة في زماننا في سنة إحدى وأربعين وسبعمائة من حجارة بيض، وكان بناؤها من أموال النصارى الذين حرقوا المنارة التي كانت مكانها، ولعل هذا يكون من دلائل النبوة الظاهرة، حيث قيض الله بناء هذه المنارة البيضاء من أموال النصارى حتى ينزل عيسى بن مريم عليها فيقتل الخنزير، ويكسر الصليب، ولا يقبل منهم جزية، ولكن من أسلم قبل منه إسلامه وإلا قتل، وكذلك حكم سائر كفار الأرض يومئذ.

وهذا من باب الإخبار عن المسيح بذلك، والتشريع له بذلك، فإنه إنما يحكم بمقتضى هذه الشريعة المطهرة، وقد ورد في بعض الأحاديث كما تقدم أنه ينزل ببيت

(1) عون المعبود شرح سنن أبي داود، العلامة أبي الطيب محمد شمس الحق العظيم آبادي، تحقيق: عبدالرحمن محمد عثمان، ط. الثالثة (بيروت: دار الفكر 1399 هـ / 1979 م) 11/ 301.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام