فهرس الكتاب
الصفحة 105 من 437

وقد روى: أنه كان يجَزِّئ الليل ثلاثة أجزاء: ثلثًا يصلي، وثلثًا ينام، وثلثًا يدرس الحديث) [1] .

وقال أيضاً:(وهذا الحديث صحيح، لكن الجراب الآخر لم يكن فيه شيء من علم الدين، ومعرفة الله وتوحيده، الذي يختص به أولياءه.

ولم يكن أبو هريرة من أكابر الصحابة، الذين يخصون بمثل ذلك ـ لو كان هذا مما يخص به ـ بل كان في ذلك الجراب أحاديث الفتن، التي تكون بين المسلمين، فإن النبي - عليه السلام - أخبرهم بما سيكون من الفتن التي تكون بين المسلمين، ومن الملاحم التي تكون بينهم وبين الكفار.

ولهذا لما كان مقتل عثمان وفتنة ابن الزبير ونحو ذلك، قال ابن عمر: لو أخبركم أبو هريرة أنكم تقتلون خليفتكم، وتهدمون البيت وغير ذلك، لقلتم: كذب أبو هريرة، فكان أبو هريرة يمتنع من التحديث بأحاديث الفتن قبل وقوعها؛ لأن ذلك مما لا يحتمله رؤوس الناس وعوامهم.

وكذلك قد يحتجون بحديث حذيفة بن اليمان، وأنه صاحب السر الذي لا يعلمه غيره، وحديث حذيفة معروف، لكن السر الذي لا يعلمه غيره: هو معرفته بأعيان المنافقين الذين كانوا في غزوة تبوك، ويقال: إنهم كانوا هموا بالفتك بالنبي - عليه السلام -، فأوحى الله إلى النبي - عليه السلام - أمرهم، فأخبر حذيفة بأعيانهم، ولهذا كان عمر لا يصلي إلا على من صلى عليه حذيفة؛ لأن الصلاة على المنافقين منهي عنها.

وقد ثبت في الصحيح عن حذيفة، أنه لما ذكر الفتن، وأنه أعلم الناس بها، بين أن النبي - عليه السلام - لم يخصه بحديثها، ولكن حدث الناس كلهم قال: وكان أعلمنا أحفظنا) [2] .

وقال الحافظ ابن حجر - رحمه الله: (وحمل العلماء الوعاء الذي لم يبثه على الأحاديث التي فيها تبيين أسامي أمراء السوء وأحوالهم وزمنهم، وقد كان أبو هريرة يكنى عن

(1) المرجع السابق 13/ 255.

(2) المرجع السابق 13/ 255.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام