قَالَ: وَالأقْرَب عِنْدِي أَنَّهُ لا يَدُلّ؛ لأَنَّ مَأْخَذ الْمَسْأَلَة وَمَنَاطهَا هُوَ الْعِصْمَة مِنْ التَّقْرِير عَلَى بَاطِل، وَذَلِكَ يَتَوَقَّف عَلَى تَحَقُّق الْبُطْلان، وَلا يَكْفِي فِيهِ عَدَم تَحَقُّق الصِّحَّة، إِلا أَنْ يَدَّعِي مُدَّعٍ أَنَّهُ يَكْفِي فِي وُجُوب الْبَيَان عَدَم تَحَقُّق الصِّحَّة فَيَحْتَاج إِلَى دَلِيل وَهُوَ عَاجِز عَنْهُ، نَعَمْ التَّقْرِير يُسَوِّغ الْحَلِف عَلَى ذَلِكَ عَلَى غَلَبَة الظَّنّ لِعَدَمِ تَوَقُّف ذَلِكَ عَلَى الْعِلْم، اِنْتَهَى مُلَخَّصًا.
وَلا يَلْزَم مِنْ عَدَم تَحَقُّق الْبُطْلانِ أَنْ يَكُون السُّكُوت مُسْتَوْفِي الطَّرَفَيْنِ، بَلْ يَجُوز أَنْ يَكُون الْمَحْلُوف عَلَيْهِ مِنْ قِسْم خِلاف الأوْلَى) [1] .
وعلى هذا أورد الحافظ كلام البيهقي معترضاً قال: (ثُمَّ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: لَيْسَ فِي حَدِيث جَابِر أَكْثَر مِنْ سُكُوت النَّبِيّ > عَلَى حَلِف عُمَر، فَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون النَّبِيّ > كَانَ مُتَوَقِّفًا فِي أَمْره ثُمَّ جَاءَهُ الثَّبْت مِنْ اللَّه تَعَالَى بِأَنَّهُ غَيْره عَلَى مَا تَقْتَضِيه قِصَّة تَمِيم الدَّارِيّ، وَبِهِ تَمَسَّك مَنْ جَزَمَ بِأَنَّ الدَّجَّال غَيْر اِبْنِ صَيَّاد وَطَرِيقه أَصَحّ، وَتَكُونُ الصِّفَة الَّتِي فِي اِبْنِ صَيَّاد وَافَقَتْ مَا فِي الدَّجَّال) [2] .
2 -قولهم أن الفتن وأشراط الساعة ليست من العقيدة قول غير صحيح، بل هي من أصول العقيدة؛ لأنها من الغيبيات، والغيبيات من أصول العقيدة، وبالتالي لاتثبت إلا بالأسانيد الصحيحة الثابتة عند أهل العلم.
والفتن وأشراط الساعة قد ثبتت بالنصوص القطعية، وماثبت كذلك فالواجب اعتقاده سواء سميناه عقيدة أوسنة، أو أصول دين، أو قطعيات، أوأخبار قطعية، فكل هذه الاصطلاحات صحيحة ولامشاحة في الاصطلاح.
فكل ماجاء في القرآن أو صحت به السنة فهو مما يجب الإيمان به والتسليم أنه حق، وهذا معنى كونه عقيدة. [3]
(1) السابق 13/ 339.
(2) السابق 13/ 338.
(3) انظر: كتاب حراسة العقيدة، الدكتور ناصر العقل، ط. الأولى (الرياض: مكتبة العبيكان 1423 هـ/2002 م) ص 144.