بِشَيْءٍ، وَإِنَّمَا أُوحِيَ إِلَيْهِ بِصِفَاتِ الدَّجَّال، وَكَانَ فِي اِبْنِ صَيَّاد قَرَائِن مُحْتَمِلَة، فَلِذَلِكَ كَانَ > لا يَقْطَع فِي أَمْره بِشَيْءٍ بَلْ قَالَ لِعُمَر (لا خَيْر لَك فِي قَتْله) [1] .
وبسبب هذا التوقف وقع ما وقع من اجتهاد في التنزيل، يوضحه تبويب الإمام البخاري على حديث جابر (باب من رأى النكير من النبي > حجة لا من غير الرسول) [2] .
يقول الحافظ ابن حجر موضحاً موقف جابر: (كَأَنَّ جَابِرًا لَمَّا سَمِعَ عُمَر يَحْلِف عِنْد رَسُول اللَّه > فَلَمْ يُنْكِر عَلَيْهِ، فَهِمَ مِنْهُ الْمُطَابَقَة) [3] ثم قال:
(وَلَكِنْ بَقِيَ أَنَّ شَرْط الْعَمَل بِالتَّقْرِيرِ أَنْ لا يُعَارِضهُ التَّصْرِيح بِخِلافِهِ، فَمَنْ قَالَ أَوْ فَعَلَ بِحَضْرَةِ النَّبِيّ > شَيْئًا فَأَقَرَّهُ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى الْجَوَاز، فَإِنْ قَالَ النَّبِيّ > اِفْعَلْ خِلاف ذَلِكَ دَلَّ عَلَى نَسْخِ ذَلِكَ التَّقْرِير، إِلا إِنْ ثَبَتَ دَلِيل الْخُصُوصِيَّة) [4] .
فالذي يظهر أن المسألة ليست مسألة نص عند بعض الصحابة على كون ابن صياد هو الدجال، إنما هو اجتهاد بالنظر إلى نص، وهذا النص الذي وقع منه الاستنباط هو ما وقع من حلف من عمر بحضرة النبي >، وإقرار النبي > له بسكوته.
قال الحافظ ابن حجر: (وَقَدْ تَكَلَّمَ اِبْنِ دَقِيق الْعِيد عَلَى مَسْأَلَة التَّقْرِير فِي أَوَائِل"شَرْح الإِلْمَام"فَقَالَ: مَا مُلَخَّصه إِذَا أخْبَرَ بِحَضْرَةِ النَّبِيّ > عَنْ أَمْرِ لَيْسَ فِيهِ حُكْم شَرْعِيّ، فَهَلْ يَكُونُ سُكُوته > دَلِيلاً عَلَى مُطَابَقَة مَا فِي الْوَاقِع، كَمَا وَقَعَ لِعُمَر فِي حَلِفه عَلَى اِبْنِ صَيَّاد هُوَ الدَّجَّال فَلَمْ يُنْكِر عَلَيْهِ، فَهَلْ يَدُلّ عَدَم إِنْكَاره عَلَى أَنَّ اِبْنِ صَيَّاد هُوَ الدَّجَّال كَمَا فَهِمَهُ جَابِر، حَتَّى صَارَ يَحْلِف عَلَيْهِ وَيَسْتَنِد إِلَى حَلِف عُمَر أَوْ لا يَدُلّ، فِيهِ نَظَر؟.
(1) شرح صحيح مسلم للنووي 18/ 64.
(2) انظر: صحيح البخاري، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة 6/ 2677.
(3) فتح الباري 13/ 337.
(4) المرجع السابق 13/ 337.