والله، إنه لحديث رسول الله > حدثنيه، قلت: بئس الجليس لي أنت منذ اليوم، تسمعني أخالفك وقد سمعته من رسول الله > فلا تنهاني، ثم قلت: ما هذا الغضب فأقبلت عليه وأسأله فإذا الرجل حذيفة) [1] .
فحذيفة خطأ جندباً ب لما جزم جندب بوقوع الأمر، وسارع جندب ط إلى الرجوع عن قوله عندما تبين له أنه على غير علم فيما جزم به [2] .
الترجيح:
الرأي الثاني هو أرجح الرأيين، فتنزيل هذه النصوص على الوقائع بضوابطه الشرعية لا حرج فيه، وعليه يحمل اجتهاد جماعة من أهل العلم في تناول أحاديث الفتن وأشراط الساعة.
وليس هو المقصود الأول للعلماء من إيراد النصوص، والتأليف فيها، وإنما العلماء إن وجدوا مناسبة للتنزيل نزلوا دون تكلف في فهم النصوص على ما سيأتي بيانه.
ثم إن عباراتهم ليس فيها إلزام أن النص لايحتمل إلا هذه الواقعة أو تلك، وإنما هي معاني انقدحت في نفوسهم فعرضوها على ماعندهم من العلم، وما وقفوا عليه من أحداث.
الرد على استدلال أصحاب الرأي الأول:
مااستدل به أصحاب الرأي الأول يجاب عنه بمايلي:
1_ ينبغي أن يعلم أن في ابن صياد أموراً مشتبهة، حتى أن النبي > كان متوقفاً في أمره أول الأمر، وأخذ في الاستثبات من شأنه.
قَالَ الإمام النَّوَوِيُّ /: (قَالَ الْعُلَمَاء قِصَّة اِبْنِ صَيَّاد مُشْكِلَة، وَأَمْره مُشْتَبِه لَكِنْ لا شَكَّ أَنَّهُ دَجَّال مِنْ الدَّجَاجِلَة، وَالظَّاهِر أَنَّ النَّبِيّ > لَمْ يُوحَ إِلَيْهِ فِي أَمْره
(1) أخرجه مسلم 14/ 77.
(2) انظر: معالم في أوقات الفتن والنوازل ص 54.