قال المصنف: [فمن عيوب أهل البدع تكفير بعضهم بعضاً، ومن ممادح أهل العلم أنهم يخطئون ولا يكفرون] وهذه قاعدة عظيمة في تعامل أهل السنة والجماعة مع الأمة حيث إنهم يخطئون ولا يكفرون، فمن عيوب أهل البدع تكفير بعضهم لبعض، ومن مدائح أهل السنة أو أهل العلم أنهم يخطئون ولا يكفرون، فالخطأ واضح ويستدل على أنه خطأ، ثم صاحب الخطأ قد يكون كافراً، وقد يكون مبتدعاً، وقد يكون غير ذلك، لكن ما يهمهم هو بيان الخطأ، ولذلك عندما يتكلم أهل السنة في حق أحدٍ من أهل القبلة يحرصون من أجل بيان الحق على أن يقولوا: أخطأ فلان، ويبينون خطأه، دون تكفير، أما أهل البدع فإنهم لمجرد أي مخالفة يحكمون على المخطئ بالكفر، فنجد هؤلاء يقولون لخصومهم: أنتم تكفرون لأنكم مشبهة، فيردون عليهم قائلين: وأنتم تكفرون لأنكم معطلة، وأما أهل السنة والجماعة فيقولون: هؤلاء على ضلال وبدعة، وهؤلاء على ضلال وبدعة، والكل مخطئ، أما الكفر فقد يكون وقد لا يكون، فهم يفرقون بين المعين الفرد وبين الحكم المطلق، ويفرقون بين القول وبين القائل، ويفرقون بين جملة البدعة -الذي نسميه نحن في عصرنا هذا المنهج- وبين من يقول بجزئية من جزئياتها، حتى إنه يأتيك الإنسان ويقول: أنا من المعتزلة، وربما يقولها بلسانه وهو لا يفقه ولا يعرف عن مذهب المعتزلة شيئاً، إنما سمع أن المعتزلة فرقة إسلامية تحرر العقل وتدعو إلى التفكر، فنسب نفسه إليها ظناً منه أنه نسب نفسه إلى الحرية العقلية، فنقول له: هل تقر بالأصول الخمسة؟ فيتبين أنه لا يعرف أصولاً خمسة ولا أربعة ولا يعرف شيئاً من مذهب المعتزلة، فحتى مع دعوى بعض الناس أنه معتزلي أو غير ذلك من الأوصاف، فقد لا ينطبق عليه ذلك الوصف، فمن عدل أهل السنة والجماعة أنهم يرفقون به حتى وإن اعترف، فيبدءون ببيان هذه العقيدة لمعتقدها حتى يتضح له أنه كان مخطئاً، وأنها خلاف ما كان يرى، فربما كان ذلك سبباً لرجوعه عن هذه العقيدة،