الفرقة التي تجد قلوبها في الباطن مبنية على النفاق، فالأصل فيهم النفاق مع إظهار الخير والدين، ومحبة الله ومحبة الرسول صلى الله عليه وسلم ومحبة الصحابة والمؤمنين أحياناً، لكن الباطن بخلاف ذلك، فأصل مذهبهم النفاق، وأما الخوارج فأصل مذهبهم الإخلاص، لكن لم يأتوا بالموافقة وبالمتابعة، والإخلاص ضد النفاق، هذا من حيث الأصل ككل، والفرق بعد ذلك تتشعب والأفراد يختلفون، وهذا أمر آخر، لكن كمبدأ عام فإن الفرقة الواحدة تتفرع، فالشيعة تفرع منهم الرافضة، وكان من الشيعة غير الغلاة من يقدم علياً على عثمان رضي الله تعالى عنهما، أو فيهم تشيع يسير في المواقف العملية، لكنهم في حقيقة أمرهم أئمة وعلماء وعباد، ويحبون الله ورسوله، إلا أنهم وقعوا في هذه البدعة، وهي بدعة قد غَلَظَ فيها بعض السلف حتى قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى: (من فضل علياً على عثمان فقد أزرى بالمهاجرين والأنصار) ؛ لأنهم بعد موته صلى الله عليه وسلم كانوا إذا تكلموا يقولون: أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي وهذا شائع ومشهور بينهم، ومن فضل علياً على عثمان وخالفهم في هذا الترتيب، فقد أزرى بهم، فكأنه احتقر عقولهم واحتقر رأيهم، إذن فمثل هؤلاء الشيعة عندهم حب الله ورسوله وفيهم الإيمان، ولكن وقعوا في مثل هذه البدعة، وتفاوتوا فيها، كما يوجد أناس في واقعنا المعاصر يقيمون البدع وينسبونها إلى محبة الرسول صلى الله عليه وسلم، فلا نستطيع نفي المحبة لله ورسوله عنهم، ولكننا نستطيع أن ننفي عنهم فعل الصواب والمتابعة والموافقة، وأنهم في هذا العمل لم يتابعوا النبي صلى الله عليه وسلم ولم يتبعوا سنته، ولم يوافقوا هديه وهدي خلفائه الراشدين وصحابته.