يقول:"فإنه من كفَّر كل من قال القول المبتدع في الباطن، يلزمه أن يكفر أقواماً ليسوا في الباطن منافقين، بل هم في الباطن يحبون الله ورسوله، ويؤمنون بالله ورسوله، وإن كانوا مذنبين، كما ثبت في صحيح البخاري عن أسلم مولى عمر رضي الله عنه عن عمر: {أن رجلاً كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم كان اسمه عبد الله، وكان يلقب حماراً، وكان يُضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جلده في الشراب، فأُتي به يوماً، فأمر به فجلد، فقال رجل من القوم: اللهم العنه! ما أكثر ما يؤتى به! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تلعنه فإنه يحب الله ورسوله} ". وهذا الحديث في مقابل حديث: {لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخمر عشرة -وذكر منهم شاربها ... } وهذا الصحابي كان يشرب الخمر، والذي في الحديث لعن الشارب بإطلاق، أما المعين كما هو حال هذا الصحابي فلا. وسنستعرض هنا رواية الحديث والكلام عليه كما ذكرها الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في كتاب الحدود (ج 12 ص:64، 65) في رواية، والرواية الأخرى التي -ذكرها المصنف- هي عن عمر (ج 12 ص:75) ونحن نأتي بالرواية الأولى؛ لأن فيها بعض الفوائد.
الرواية الأولى: يقول الإمام البخاري رحمه الله: (باب من أمر بضرب الحدّ في البيت) بسنده عن عقبة بن الحارث قال: {جيء بالنعيمان أو بابن النعيمان شارباً، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم من كان بالبيت أن يضربوه قال: فضربوه، فكنت أنا فيمن ضربه بالنعال} ثم قال: (باب الضرب بالجريد والنعال) بسنده عن عقبة بن الحارث {أن النبي صلى الله عليه وسلم أُتي بنعيمان أو بابن نعيمان وهو سكران، فشق عليه، وأمر من في البيت أن يضربوه، فضربوه بالجريد والنعال، وكنت فيمن ضربه} .