فهذه المسألة هي موضوع بحثنا، والتي بناءً عليها ذكر ابن أبي العز رحمه الله حديث الرجل الذي أمر أبناءه، وأوصاهم بحرقه بعد الموت وذر رماده في البحر؛ يبين شيخ الإسلام رحمه الله أن هذه المسألة متفرعة عن هذه القضايا.
قال:"ونحن نبدأ بمذهب أئمة السنة فيها قبل التنبيه على الحجة، فنقول: المشهور من مذهب الإمام أحمد وعامة أئمة السنة تكفير الجهمية"وهذا سبق أن قلناه؛ فالمشهور عن أئمة السلف تكفير الجهمية في العموم، قال:"وأما المرجئة فلا تختلف نصوصه أنه لا يكفرهم".
ذكر هنا الجهمية ثم قال بعدها:"أما المرجئة"، فالمقصود بالمرجئة هنا غير الغلاة منهم؛ لأن المرجئة الغلاة -وهم الجهمية- يقولون: إن الإيمان هو المعرفة في القلب فقط، فهؤلاء يدخلون في التكفير في العموم، لكن كلامه هنا في المرجئة غير الغلاة الذين يقولون: لا يدخل العمل في الإيمان، لكنهم يرون أن الأعمال ثمرات للإيمان، وأنه يجب على الإنسان أن يأتي بالعمل، وأنه يثاب ويعاقب على العمل، لكنهم لا يدخلونه في الإيمان، فهذا مذهب المرجئة غير الغلاة الذين يقال لهم: مرجئة أهل السنة أو مرجئة الحنفية، وهذا سيأتي بيانه إن شاء الله.
والمقصود أنه غاير بين المرجئة والجهمية، فعرفنا أنه يريد من قوله: (المرجئة) : غير الغلاة منهم، والإمام أحمد رحمه الله لم يكفر المرجئة، وكذلك الأئمة.
قال:"وكذلك الشيعة المفضلون لعلي على أبي بكر"الشيعة الذين ليس فيهم من التشيع إلا تفضيل علي على أبي بكر، هؤلاء أيضاً لم يكفرهم السلف، ولم يخرجوهم من الملة في الجملة.
قال:"وأما القدرية المقرّون بالعلم"إنما قال المقرون بالعلم؛ لأن من نفى العلم فهو كافر.
"والروافض الذين ليسوا من فرقة الغالية"يعني بهم الذين لم يقتصروا على تفضيل علي على أبي بكر، بل تعدوا ذلك إلى سب الصحابة، لكنهم لم يؤلهوا علياً ولا أهل بيته.