فهرس الكتاب
الصفحة 240 من 359

يعني أننا نقول للناس: من فعل هذا الفعل فهذا حكمه، فإذا أنت وعظت الناس، وذكرتهم بالله عز وجل؛ فقلت لهم: لا تأكلوا أموال اليتامى؛ فإن الله تعالى قال في ذلك: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا [النساء:10] فأنت قد أعذرت وأبلغت، وبينت للناس حكم هذا الذنب، وكل واحد من الحاضرين يرى في نفسه ويعلم أنه فاعل لهذا الذنب؛ فعليه أن يتوب ويستغفر الله ويجتهد في الخير؛ ففي هذه الحالة وجود الوعيد له فائدة عظيمة، ولا يستلزم وعظ الناس أن تعين فلاناً بذاته، وتقول: فلان من أهل النار؛ لأن الله تعالى قال إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا [النساء:10] .

يقول:"يبين هذا -يبين الفرق بين العموم والإطلاق وبين المعين- أنه قد ثبت: {أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن الخمر، وعاصرها، ومعتصرها، وحاملها، والمحمولة إليه، وشاربها، وساقيها، وبائعها، ومبتاعها، وآكل ثمنها} ."

وثبت عنه في صحيح البخاري عن عمر: {أن رجلاً كان يكثر شرب الخمر، فلعنه رجل، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: لا تلعنه فإنه يحب الله ورسوله} "."

فالحديث الأول يدل على أن اللعن في العموم حق، وقد صرح به النبي صلى الله عليه وسلم، والحديث الثاني يدل على أن لعن المعين منهي عنه، وكثير من الناس في هذه المسألة على طرفي نقيض؛ فإما أنهم ممن لا يرى ذكر هذه الأمور مطلقاً ويقول: لا نكفر، ولا نفسق، ولا نضلل، وهذا مذهب المرجئة، وإما أنهم ممن يطلقها على المعينين رأساً بلا تثبت، وهذا منهج الخوارج وطريقهم.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام