توجيه آخر لكلام ابن عباس يعني قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ [المائدة:41] إلى أن قال: وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ [المائدة:43] ثم تستمر الآيات إلى أن قال: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ [المائدة:44] ثم: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [المائدة:45] ، وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ [المائدة:47] في أي شيء هذا؟ وما هو الحكم الذي أراد اليهود أن يحكموا النبي صلى الله عليه وسلم فيه؟ الجواب: هو حد الزنا، فقالوا: نحكمه فإن حكم بغير الرجم عملنا به، وقلنا: يا رب! هذا رسول أرسلته آمنا بشرعه، يعني إذا أعجبهم الشرع أخذوه وإذا لم يعجبهم تركوه، وهذا حال كثير من الناس إذا توافقت أهواؤهم وشهواتهم مع فتاوى بعض المشايخ قالوا: نحن ما أتينا بشيء من عندنا، هذا في القرآن، وهذا كلام العلماء، والحقيقة أن هذا المنهج هو منهج اليهود وأتباع اليهود وكثير من المنافقين -نعوذ بالله- ولهذا الله تعالى قرنهما أول ما افتتح الآيات: يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا [المائدة:41] أي: المنافقون واليهود يسارعون في الكفر؛ لأنهم حكموا بغير ما أنزل الله في الرجم.