يقول رحمه الله:"فمن هجر لهوى نفسه، أو هجر هجراً غير مأمورٍ به، كان خارجاً عن هذا". أي فالذي يجب على الإنسان ألا يعمل العمل إلا لله، إن هجر فلله، وإن أحب فلله، وإن أبغض فلله.
وإن مما ينبغي التنبه له: أن كل داعية قد يُبتلى ويُمتحن ويُؤذى، فإياك إياك أن تجعل ما ابتليت به أو أوذيت به هو المعيار في العداوة، أي: أن تعامل أحداً بشر لأنه آذاك أو أساء إليك، وإن كانت النفوس مفطورة على هذا، لكن اجعل المعيار هو أن تكون محبتك وعداوتك لله، فلا تظلم منهم أحداً ولا تحيف عليه وإن كان ظالماً لك، بل اجعل غضبك لله تعالى، ودعوتك إلى الله تعالى، فتجرَّد من حظ النفس ومن هواها، واجعل هواها وحظَّها تبعاً للحق الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، فمن أقام الدين ونصره فأحبه ولو آذاك في حقك أو ظلمك في نفسك؛ لأنه نصر الحق وأظهر الله به الدين، ومن كان غير ذلك وإن أحسن إليك في نفسك؛ فإنه لا يجوز لك أن تحبه أو أن تداهنه في دين الله.
هجر المؤمن أخاه لحقه
هل يعني ذلك أن الإنسان لا يهجر لحظ النفس، كمن ظلمه، أو كذب عليه، أو أخذ حقه شخص ثم أنكره؟ وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: {بُعثت بالحنيفية السمحة} ، وعليه فلا تهجر من ظلمك؟!