فهرس الكتاب
الصفحة 192 من 359

يقول شيخ الإسلام: يقدر هنا ليس معناها: التضييق، فليس المعنى: ومن ضُيِّق عليه رزقه، يقول:"فإن اللفظ كان في قوله: وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ [سبأ:11] معناه: اجعل ذلك بقدْر ولا تزد ولا تنقص"أي: وليس معنى وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ [سبأ:11] : ضيِّق؛ لأنهم قد يقولون: تضييق السرد أدعى إلى الإحكام، لأنه عندما يكون الدرع مخلخلاً لا يكون كما إذا كان مشتبكاً محكماً، وعليه فالتقدير يكون بمعنى: التضييق، هذه وجهة نظرهم.

شيخ الإسلام رحمه الله يقول: معنى قدِّر: اجعله بقَدْر معين ولا تزد ولا تنقص.

أي: التزم مقداراً معيناً، لا تزد عليه ولا تنقص منه، وذلك أدعى إلى الإحكام والضبط.

يقول:"وقوله: وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ [الطلاق:7] : أي: جُعل رزقه بقدر ما يكفيه من غير فضل، بحيث لو أنفق منه لاختل"فهذا دخله على قدْر ما يقيم نفسه وأولاده، ولو كان أقل من ذلك لأصبح من غير أهل الكفاية، وصار مسكيناً أو فقيراً فيعْطَى من الزكاة.

يقول:"إذ لو ينقص الرزق عن ذلك لم يعش".

يعني: بمقدار لو نقص عن هذا المقدار لم يعش، فالله سبحانه وتعالى يرزق العباد جميعاً؛ فيرزق بعضهم رزقاً واسعاً، ويرزق البعض الآخر بحيث يكون على أدنى الكفاية، كما في قوله: قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِر [سبأ:36] .

تأويل لفظ (قدر) بمعنى قضى غير صحيح

الوجه الخامس: قال:"وأما قَدر بمعنى قدَّر أي: أراد تقدير الخير والشر، فهو لم يقل: إن قدَّر عليّ ربي العذاب".

فالموضوع ليس له علاقة بالقَدَر، لو كان كذلك لقال الرجل: لئن قدَّر عليَّ ربي العذاب ليعذبني ..

يقول:"بل قال: لئن قَدِر عليَّ ربي. والتقدير يتناول النوعين، فلا يصح أن يقال: لئن قضى الله عليّ؛ لأنه قد مضى وتقرر عليه ما ينفعه وما يضره".

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام