فهرس الكتاب
الصفحة 182 من 359

بهذه المناسبة لشيخ الإسلام رحمه الله كلام قريب من هذا المعنى وأكثر وأوسع في تفسير سورة الإخلاص أيضاً، وموجزه: أنه قد توجد أمكنة أو أزمنة يندرس فيها كثير من علوم النبوات، فآثار النبوة تمحى وما أكثر ذلك! والجاهلية المطلقة لا تقع بعد بعثة محمد صلى الله عليه وسلم؟ لأن الله تعالى تأذن وتكفل: أن لا تزال طائفة من هذه الأمة على الحق منصورة ظاهرة لا يضرها من خالفها؛ لكن هناك جاهلية مقيدة في زمانٍ ومكان تكون آثار النبوة عنه غائبة، يقول رحمه الله عن مثل ذلك:

"حتى لا يبقى من يبلغ ما بعث الله به رسوله من الكتاب والحكمة، فلا يُعلم كثيرٌ مما يبعث الله به رسوله، ولا يكون هناك من يبلغه ذلك، ومثل هذا لا يكفر".

أي: أنه قد يوجد مسلمون -وهذا موجود في كل الأزمنة- لكن في مناطق نائية بعيدة لم يجدوا من يبلغهم دين الله الحق، فلا يعرفون من الإسلام إلا بعض الأمور كشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، أو يصلي، أو يعرف أن الحج واجب، وهذا ظاهر في كثير من الحجاج، لكن إذا جاء لا يدري بأعمال الحج، فعنده شعور وعاطفة فأحب أن يحج، لكن لا يعرف ما هو الحج، ويجهل هذه الأمور جميعاً.

ذكر حديث حذيفة ودلالته على انتفاء الإثم بالجهل

يقول:"ولهذا اتفق الأئمة على أن من نشأ ببادية بعيدة عن أهل العلم والإيمان، وكان حديث العهد بالإسلام، فأنكر شيئاً من هذه الأحكام الظاهرة المتواترة، فإنه لا يحكم بكفره حتى يعرف ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، ولهذا جاء في الحديث: {يأتي على الناس زمانٌ لا يعرفون به صلاةً ولا زكاةً، ولا صوماً ولا حجاً، إلا الشيخ الكبير والعجوز الكبيرة، يقولون: أدركنا آباءنا وهم يقولون: لا إله إلا الله، وهم لا يدرون صلاةً ولا زكاةً ولا حجاً، -فقال:- ولا صوم ينجيهم من النار} ".

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام