فهرس الكتاب
الصفحة 162 من 359

يقول الخطابي:"وإنما جهل فظن أنه إذا فعل به ذلك لا يعاد فلا يعذب، وقد ظهر إيمانه باعترافه بأنه إنما فعل ذلك من خشية الله"، فإيمانه واضح، إذ قد قال: (خشيتك يا رب) . (مخافتك يا رب) ، يقول الحافظ:"قال ابن قتيبة"وهو أديب أهل السنة كما أن الجاحظ أديب المعتزلة". قال:"قد يغلط في بعض الصفات قوم من المسلمين فلا يكفرون بذلك"، وهذه العبارة انتصر لها وأيدها شيخ الإسلام رحمه الله، فقوله: (قد يغلط في بعض الصفات قوم من المسلمين) ، فليس كل مسلم لابد أن يكون محيطاً بجميع صفات الله، فقد يغلط، وهذا شيء وارد، لكنه قال: (في بعض الصفات) ، وقال: (قوم من المسلمين) ، أي أن هناك أسباباً؛ إما لجهلهم، وإما لغير ذلك، فلتلك الأسباب يقع بعض المسلمين في الخطأ أو الغلط في بعض الصفات، فليس هذا من باب الإنكار والجحود، فلا يكفرون بذلك."

وهنا تقام عليهم الحجة، وتكشف لهم الشبهة، ويبين لهم. وإن كان الأصل أن جحد الصفات كفر بلا شك، لكن قد يغلط من يغلط في ذلك، فلهذا قلنا: إن المُعَيَّن لا يُسرع في الحكم عليه، فربما يكون جاهلاً، وربما يكون مخطئاً .. فليس كالجاحد إنكاراً، الذي يكفر بها رداً وتكذيباً.

ذكر من أول قوله: (لئن قدر الله علي)

قال الحافظ:"ورده ابن الجوزي -أي: رد كلام ابن قتيبة - وقال: جحده صفة القدرة كفر اتفاقاً"، أي: ما دام أنه جحد القدرة، وأن الله لا يقدر على جمعه وبعثه؛ لأنه ظن أن الله لن يقدر على بعثه بعد أن يطحنوه ويذروه؛ فإن هذا كفر اتفاقاً. قال:"وإنما قيل: إن معنى قول: (هلئن قدر الله عليَّ) أي: ضيّق"، وهذه هي التأويلات، فإذا أخرجنا اللفظ عن ظاهره فلابد من تأويله، وهناك عدة تأويلات:

التأويل الأول: قوله: (لئن قدر الله عليَّ) أي: ضيق، قال ابن الجوزي:"وهي كقوله: وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ [الطلاق:7] أي: ضيق".

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام