> شر ، وصفاته كذلك ، إذ كلها صفات كمال ، ونعوت جلال ، لا نقص فيها بوجه من الوجوه ، > وأسماؤه كلها حسنى ليس فيها اسم ذم ولا عيب ، وأفعاله حكمة ورحمة ومصلحة وإحسان > وعدل ، لا تخرج عن ذلك البتة ، وهو المحمود على ذلك كله ، فتستحيل إضافة الشر إليه ، > فإنه ليس شر في الوجود إلا الذنوب وعقوبتها ، وكونها ذنوباً تأتي من نفس العبد ، فإن سبب > الذنب الظلم والجهل ، وهما في نفس العبد . فإنه ذات مستلزمة للجهل والظلم ، وما فيه من > العلم والعدل فإنما حصل له بفضل الله عليه ، وهو أمر خارج عن نفسه ، فمن أراد الله به خيراً > أعطاه الفضل فصدر منه الإحسان والبر والطاعة ، ومن أراد به شراً أمسكه عنه وخلاه ودواعي > نفسه وطبعه وموجبها ، فصدر عنه موجب الجهل والظلم من كل شر وقبيح ، وليس منعه من > ذلك شراً ، ولله في ذلك الحكمة التامة ، والحجة البالغة ، فهذا عدله ، وذلك فضله يؤتيه من > يشاء والله ذو الفضل العظيم ، وهو العلي الحكيم . هذا معنى كلام ابن القيم ، وهو الحق . > > وحاصله أن الشر راجع إلى مفعولاته ، لا إلى ذاته وصفاته ، ويتبين ذلك بمثال ولله > المثل الأعلى . لو أن ملكاً من ملوك العدل كان معروفاً بقمع المخالفين وأهل الفساد ، مقيماً > للحدود والتعزيرات الشرعية على أرباب أصحابها ، لعدوا ذلك خيراً يحمده عليه الملوك ، > ويمدحه الناس ويشكرونه على ذلك ، فهو خير بالنسبة إلى الملوك ، يمدح ويثنى به ويشكر > عليه وإن كان شراً بالنسبة إلى من أقيم عليه ، فرب العالمين أولى بذلك لأن له الكمال > المطلق من جميع الوجوه والاعتبارات . وأيضاً فلولا الشر هل كان يعرف الخير ، فإن الضد > لا يعرف إلا بضده ، فإن لم تحط به خبراً فاذكر كلام ابن عقيل في الباب الذي قبل هذا ، > وأسلم تسلم ، والله أعلم . > > قال: وعن عُبادَة بن الصامِت أنه قال لابنه: يا بني إنك لن تجد طعم الإيمان حتى تعلم > أن ما أَصابك لم تَكن ليخطئك ، وما أَخطأك لم يكن ليصيبك ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: > ' إن أول ما خلق الله القلم ، فقال: اكتب قال: رب وماذا أكتب ؟ قال: أكتب مقادير كل شيء > حتى تقوم الساعة ، يا بني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ' من مات على غير هذا فليس > مني ' >