فهرس الكتاب
الصفحة 589 من 639

> رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألناه عما يقول هؤلاء في القدر ، فوفق لنا عبد الله بن عمر بن الخطاب > داخلاً المسجد ، فاكتنفته أنا وصاحبي ، أحدنا عن يمينه ، والآخر عن شماله ، فظننت أن > صاحبي سيكل الكلام إلي ، فقلت: يا أبا عبد الرحمن إنه قد ظهر قبلنا أناس يقرؤون القرآن > ويتقفرون العلم ، وذكر من شأنهم وأنهم يزعمون أن لا قدر ، وأن الأمر أنف . > قال: فإذا > لقيت أولئك فأخبرهم أني بريء منهم ، وأنهم براء مني ، والذي يحلف به عبد الله بن عمر: > لو أن لأحدهم مثل أحد ذهباً فأنفقه ، ما قبله الله منه حتى يؤمن بالقدر . ثم قال: حدثني أبي > عمر بن الخطاب قال: بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم ، إذ طلع علينا رجل شديد > بياض الثياب ، شديد سواد الشعر ، لا يرى عليه أثر السفر ، ولا يعرفه منا أحد حتى جلس > إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ، ووضع كفيه على فخذيه ، فقال: يا محمد أخبرني > عن الإسلام ، وذكر الحديث . وقوله: خيره وشره ، أي: خير القدر وشره ، أي: أنه تعالى > قدر الخير والشر قبل خلق الخلق ، وأن جميع الكائنات بقضائه وقدره وإرادته ، لقوله تعالى: > ^ ( وخلق كل شيء فقدره تقديراً ) ^ [ الفرقان: 2 ] ! 2 < والله خلقكم وما تعملون > 2 ! [ الصافات: 96 ] > ^ ( إنا كُل شيء خلقَنَهُ بِقدرٍ * ) ^ [ القمر: 49 ] وغير ذلك . > > فإن قلت: كيف قال: ' وتؤمن بالقدر خيره وشره ' وقد قال في الحديث: ' والشر ليس > إليك . > > قيل: إثبات الشر في القضاء والقدر إنما هو بالإضافة إلى العبد ، والمفعول إن كان > مقدراً عليه ، فهو بسبب جهله وظلمه وذنوبه ، لا إلى الخالق ، فله في ذلك من الحكم ما > تقصر عنه أفهام البشر ، لأن الشر إنما هو بالذنوب وعقوباتها في الدنيا والآخرة ، فهو شر > بالإضافة إلى العبد ، أما بالإضافة إلى الرب سبحانه وتعالى ، فكله خير وحكمة ، فإنه صادر > عن حكمه وعلمه ، وما كان كذلك فهو خير محض بالنسبة إلى الرب سبحانه وتعالى ، إذ هو > موجب أسمائه وصفاته ، ولهذا قال: ' والشر ليس إليك ' أي: تمتنع إضافته إليك بوجه من > الوجوه ، فلا يضاف الشر إلى ذاته وصفاته ، ولا أسمائه ولا أفعاله ، فإن ذاته منزهة عن كل >

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام