> ( [ 24 ] باب: بيان شيء من أنواع السحر ) > لما ذكر المصنف ما جاء في السحر أراد هنا أن يبين شيئاً من أنواعه لكثرة وقوعها > وخفائها على الناس حتى اعتقد كثير من الناس أن من صدرت عنه هذه الأمور ، فهو من > الأولياء ، وعدوها من كرامات الأولياء وآل الأمر إلى أن عبد أصحابها ورجي منهم النفع > والضر ، والحفظ والكلاءة والنصر أحياء وأمواتاً ، بل اعتقد كثير في أناس من هؤلاء أن لهم > التصرف التام المطلق في الملك ، ولا بد من ذكر فرقان يفرق به المؤمن بين ولي الله وبين > عدو الله ، من ساحر وكاهن وعائف وزاجر ومتطير ونحوهم ممن قد يجري على يده شيء > من الخوارق . > > فاعلم أنه ليس كل من جرى على يده شيء من خوارق العادة يجب أن يكون ولياً لله > تعالى ، لأن العادة تنخرق بفعل الساحر والمشعوذ وخبر المنجم والكاهن بشيء من الغيب ، > مما يخبره به الشياطين المسترقون للسمع . وفعل الشياطين بأناس ممن ينتسبون إلى دين > وصلاح ورياسة مخالفة للشريعة ، كأناس من الصوفية وكرهبان النصارى ونحوهم ، فيطيرون بهم في الهواء ، ويمشون بهم على الماء ، ويأتون بالطعام والشراب والدراهم ، وقد يكون > ذلك بعزائم ورقى شيطانية وبحيل وأدوية ، كالذين يدخلون النار بحجر الطلق ودهن > النارنج . وقد يكون برؤيا صادقة فيها وما يستدل به على وقوع ما لم يقع ، وهذه مشتركة بين > ولي الله وعدوه . وقد يكون ذلك بنوع طيرة يجدها الإنسان في نفسه فتوافق القدر ، وتقع كما > أخبر ، وقد يكون بعلم الرمل والضرب بالحصى ، وقد يكون ذلك استدراجاً والأحوال > الشيطانية كثيرة . وقد فرق الله بين أوليائه وأعدائه في كتابه فاعتصم به وحده ، لا إله إلا هو ، > فإنه لا يضل من اعتصم به ولا يشقى . قال الله تعالى: ^ ( ألاَ إِن أَوليَاءَ اللهِ لا خَوفُ عليهم > وَلاَ هُم يَحزَنُون * الذين ءامنوا وَكَانُواْ يتقون * ) ^ [ يونس: 62 - 63 ] فذكر تعالى > أن أولياءه الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون هم المؤمنون المتقون ، ولم يشترط أن > يجري على أيديهم شيء من خوارق العادة . فدل أن الشخص قد يكون ولياً لله وإن لم يجر > على يديه شيء من الخوارق إذا كان مؤمناً متقياً . وقال تعالى: ! 2 < قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم > 2 ! [ آل عمران: 31 ] فأولياء الله المحبوبون >