فهرس الكتاب
الصفحة 587 من 639

> مقادير الخلائق قبل أن يخلقهم ، قدر أرزاقهم وآجالهم وأعمالهم ، وكتب ذلك وكتب ما > يصيرون إليه من سعادة وشقاوة ، فهم يؤمنون بخلقه لكل شيء ، وقدرته على كل شيء ، > ومشيئته لكل ما كان ، وعلمه بالأشياء قبل أن تكون ، وتقديره لها وكتابته إياها قبل أن > تكون . وغلاة القدرية ينكرون علمه المتقدم وكتابته السابقة ، ويزعمون أنه أمر ونهى ، وهو > لا يعلم من يطيعه ممن يعصيه ، بل الأمر أنف ، أي: مستأنف ، وهذا القول أول ما حدث > في الإسلام بعد انقراض عصر الخلفاء الراشدين ، وبعد إمارة معاوية بن أبي سفيان في زمن > الفتنة التي كانت بين ابن الزبير وبني أمية في آخر عصر عبد الله بن عمر ، وعبد الله بن > عباس وغيرهما من الصحابة ، وكان أول من ظهر ذلك عنه بالبصرة معبد الجهني ، فلما بلغ > الصحابة قول هؤلاء تبرؤوا منهم وأنكروا مقالتهم ، ثم لما كثر خوض الناس في القدر صار > جمهورهم يقر بالعلم المتقدم والكتاب السابق ، ولكن ينكرون عموم مشيئة الله وعموم خلقه > وقدرته ، ويظنون أنه لا معنى لمشيئة إلا بأمره ، فما شاء فقد أمر به ، وما لم يشأ يأمر به ؛ > فلزمهم أنه قد يشاء ما لا يكون ، ويكون ، ما لا يشاء . وأنكروا أن يكون الله خالقاً لأفعال > العباد ، أو قادراً عليها ، أو أن يخص بعض عباده من النعم مما يقتضي إيمانهم به > وطاعتهم له . وزعموا أن نعمته التي بما يمكن الإيمان والعمل الصالح على الكفار كأبي > جهل وأبي لهب مثل نعمته بذلك على أبي بكر وعمر وعثمان وعلي ، بمنزلة رجل دفع > إلى والديه بمال قسمه بينهم بالسوية ، ولكن هؤلاء أحدثوا أعمالهم الصالحة ، وهؤلاء > أحدثوا أعمالهم الفاسدة من غير نعمة خص الله بها المؤمنين ، وهذا قول باطل ، وقد > قال الله تعالى: ^ ( يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا على إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم > للإيمان إن كنتم صدقين * ) ^ [ الحجرات: 17 ] وقال: ^ ( ولكن الله حبب إليكم الإيمن وزينه > في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان أُولئك هم الراشدون * فضلاً من الله ونعمة والله > عليم حكيم * ) ^ [ الحجرات: 7 - 8 ] . > > وقال ابن القيم ما معناه: مراتب القضاء والقدر أربع مراتب: > > الأولى: علم الرب سبحانه بالأشياء قبل كونه . > > الثانية: كتابة ذلك عنده في الأزل قبل خلق السموات والأرض . > > الثالثة: مشيئته المتناولة لكل موجود فلا خروج لكائن كما لا خروج له عن علمه > > الرابعة: خلقه لها وإيجاده وتكوينه ، فالله خالق كل شيء ، وما سواه مخلوق . > > قال: وقال ابن عمر والذي نفس ابن عمر بيده: لو كان لأحدهم مثل أحد ذهباً > ثم أنفقه في سبيل الله ما قبله الله منه حتى يؤمن بالقدر . ثم استدل بقول النبي صلى الله عليه وسلم: > ' الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ، وتؤمن بالقدر خيره وشره ' >

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام