فهرس الكتاب
الصفحة 273 من 639

> كانوا يتبعون آثار أنبيائهم ، ويتخذونها كنائس وبيعاً ، فمن أدركته الصلاة في هذا المساجد > فليصلً ، ومن لا فليمض ولا يتعمدها . > > وفي ' مغازي ابن إسحاق ' من زيادات يونس بن بكير ، عن أبي خلدة: خالد بن دينار ، > حدثنا أبو العالية قال: ' لما فتحنا تُستر وجدنا في بيت مال الهرمزان سريراً عليه رجل ميت > عند رأسه مصحف ، فأخذنا المصحف فحملناه إلى عمر ، فدعا له كعباً فنسخه بالعربية ، فأنا > أول رجل قرأه من العرب ، قرأته مثل ما أقرأ القرآن ، فقلت لأبي العالية: ما كان فيه ؟ قال: > سيرتكم وأموركم ولحون كلامكم ، وما هو كائن بعد . قلت: فما صنعتم بالرجل ؟ قال: > حفرنا له بالنهار ثلاثة عشر قبراً متفرقة ، فلما كان بالليل دفناه وسوينا القبور كلها لنعميه على > الناس لا يَنبشُونه قلت: وما يرجعون منه ؟ قال: كانت السماء إذا حُبست عنهم بروزا بسريره > فيُمطرون . فقلت: من كنتم تظنون الرجل ؟ قال: رجل يقال له: دانيال . فقلت: منذ كم > وجدتموه مات ؟ قال: منذ ثلاث مائة سنة . قلت: ما كان تغير منه شيء ؟ قال: لا إلا > شعيرات من قفاه ، إن لحوم الأنبياء لا تبليها الأرض . > > قال ابن القيم رحمه الله تعالى: ففي هذه القصة ما فعله المهاجرون والأنصار من تعمية > قبره لئلا يفتتن به ، ولم يبرزوه للدعاء عنده والتبرك به ، ولو ظفر به المتأخرون لجالدوا عليه > بالسيوف ولعبدوه من دون الله . قال شيخ الإسلام رحمه الله: وهو إنكار منهم لذلك ، فمن > قصد بقعة يرجو الخير بقصدها ولم يستحب الشارع قصدها ، فهو من المنكرات ، وبعضه > أشد من بعض ، سواء قصدها ليصلي عندها ، أو ليدعو عندها أو ليقرأ عندها ، أو ليذكر الله > عندها ، أو ليسكن عندها بحيث يخص تلك البقعة بنوع من العبادة التي لم يشرع تخصيصها > به لا نوعاً ولا عيناً ، لأن ذلك قد يجوز بحكم الاتفاق لا لقصد الدعاء فيها ، كمن يدعو الله > في طريقه ، ويتفق أن يمر في طريقه بالقبور أو كمن يزورها ويسلم عليها ، ويسأل الله العافية > له وللموتى كما جاءت به السنة ، فإن ذلك ونحوه لا بأس به . > > وأما تحري الدعاء بحيث يستشعر أن الدعاء هناك أجوب منه في غيره ، فهذا هو > المنهي عنه . والفرق بين النوعين ظاهر ، فإن الرجل لو كان يدعوا الله واجتاز في ممره بصنم > أو صليب أو كنيسة أو دخل إليها ليبيت فيها مبيتاً جائزاً ودعا الله في الليل ، أو أتى بعض > أصدقائه ودعا الله في بيته لم يكن بهذا بأس . ولو تحرى الدعاء عند هذه المواضع لكان من > العظائم بل قد يكون كفراً . >

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام