فهرس الكتاب
الصفحة 176 من 639

> حتى إنهم إذا جاءهم رجل وادعى أنه رأى رؤيا مضمونها أنه دفن في المحل الفلاني رجل > صالح ، وبادروا إلى المحل وبنوا عليه قبة وزخرفوها بأنواع الزخارف ، وعبدوها بأنواع من > العبادات . وأما القبور المعروفة أو المتوهمة ، فأفعالهم معها وعندها لا يمكن حصره ، فكثير > منهم إذا رأوا القباب التي يقصدونها كشفوا الرؤوس فنزلوا عن الأكوار ، فإذا أتوها طافوا > بها واستلموا أركانها ، وتمسحوا بها ، وصلوا عندها ركعتين ، وحلقوا عندها الرؤوس > ووقفوا باكين متذللين متضرعين سائلين مطالبهم ، وهذا هو الحج ، وكثير منهم يسجدون > لها إذا رأوها ، ويعفرون وجوههم في التراب تعظيماً لها ، وخضوعاً لمن فيها ، فإن كان > للإنسان منهم حاجة من شفاء مريض أو غير ذلك ، نادى صاحب القبر ، يا سيدي فلان > جئتك قاصداً من مكان بعيد ، لا تخيبني ، وكذلك إذا قحط المطر ، أو عقرت المرأة عن > الولد ، أو دهمهم عدو أو جراد ، فزعوا إلى صاحب القبر ، وبكوا عنده فإن جرى > المقدور بحصول شيء مما يريدون ، استبشروا وفرحوا ونسبوا ذلك إلى صاحب القبر ، > فإن لم يتيسر شيء من ذلك اعتذروا عن صاحب القبر بأنه إما غائب في مكان آخر ، أو > ساخط لبعض أعمالهم ، أو أن اعتقادهم في الولي ضعيف ، أو أنهم لم يعطوه نذره ونحو > هذه الخرافات . > > ومن بعض أشعار المادحين لسيد المرسلين [ صلى الله عليه وسلم ] قول البوصيري: > % ( يا أَكْرَمَ الخلقِ مَا لي مَنْ أَلوذُ بِه % سَوَاكَ عندَ حُلولِ الحَادثِ العَمَم ) % > % ( ولن يضيقَ رَسُولَ اللهِ جَاهُكَ بي % إذَا الكرمُ تَجَلَّى باسْم مُنْتَقِمِ ) % > % ( فَإنَّ لي ذِمَّة منهُ بتَسْميتي % مُحمداً وهو أَوْفَى الخَلْقِ بالذَّمَم ) % > % ( إن لم يَكُنْ في مَعادي آخذاً بيدي % فضلاً وإلاَّ فقُلْ يا زَلَّةَ القَدم ) % > فتأمل ما في هذه الأبيات من الشرك . > > منها أنه نفى أن يكون له ملاذاً إذا حلت به الحوادث ، إلاَّ النبي [ صلى الله عليه وسلم ] ، وليس ذلك إلا لله > وحده لا شريك له ، فهو الذي ليس للعباد ملاذ إلا هو . > > الثاني: أنه دعاه وناداه بالتضرع وإظهار الفاقة والاضطرار إليه ، وسأل منه هذه المطالب > التي لا تطلب إلا من الله ، وذلك هو الشرك في الإلهية . > > الثالث: سؤاله منه أن يشفع له في قوله: > % ( ولن يضيق رسول الله . . . البيت % ) % > > وهذا هو الذي أراده المشركون ممن عبدوه ، وهو الجاه والشفاعة عند الله ، وذلك هو > الشرك وأيضاً فإن الشفاعة لا تكون إلا بعد إذن الله فلا معنى لطلبها من غيره ، فإن الله تعالى هو > الذي يأذن للشافع لأن الشافع يشفع ابتداء . >

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام