> يشركون ، حتى جاء أنهم إذا جاءتهم الشدائد في البحر يلقون أصنامهم في البحر ويقولون: يا > الله يا الله ، لعلمهم أن آلهتهم لا تكشف الضر ولا تجيب المضطر . وقال تعالى: ^ ( أمن يجيب > المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفآء الأرض أءله مع الله قليلا ما تذكرون ) ^ [ النمل: 62 ] فهم كانوا يعلمون أن ذلك لله وحده ، وأن آلهتهم ليس عندها > شيء من ذلك ، ولهذا احتج سبحانه وتعالى عليهم بذلك أنه هو الإله الحق ، وعلى بطلان > إلهية ما سواه . وقال تعالى: ^ ( فَإذَا رَكِبُواْ فىِ الفُلكِ دَعَوُا الَّلهَ مخلصين له الدين فلما نجهم إلى > البر إذا هم يشركون ) ^ [ العنكبوت: 65 ] فهذه حال المشركين الأولين . وأما عباد القبور > اليوم فلا إله إلا الله ، كم ذا بينهم وبين المشركين الأولين من التفاوت العظيم في الشرك ، فإنهم > إذا أصابتهم الشدائد براً وبحراً أخلصوا لآلهتهم وأوثانهم التي يدعونها من دون الله ، وأكثرهم قد > اتخذ ذكر إلهه وشيخه ديدنه ، وهجيراه إن قام وإن قعد وإن عثر . هذا يقول: يا علي ، وهذا > يقول: يا عبد القادر ، وهذا يقول: يا ابن علوان ، وهذا يدعوا البدوي ، وهذا يدعو العيدروس . > وبالجملة ففي كل بلد في الغالب أناس يدعونهم ويسألونهم قضاء الحاجات ، وتفريج الكربات . > بل بلغ الأمر إلى أن سألوهم مغفرة الذنوب ، وترجيح الميزان ، ودخول الجنة والنجاة من النار ، > والتثبيت عند الموت والسؤال ، وغير ذلك من أنواع المطالب التي لا تطلب إلا من الله . وقد > يسألون ذلك من أناس يدعون الولاية ، وينصبون أنفسهم لهذه الأمور وغيرها من أنواع النفع > والضر التي هي خواص الإلهية ، ويلفقون لهم من الأكاذيب في ذلك عجائب . منها أنهم > يدعون أنهم يخلصون من التجأ إليهم ولاذ بحماهم من النار والعذاب ، فيقول أحدهم: إنه > يقف عند النار فلا يدع أحداً ممن يرتجيه ويدعوه يدخلها أو نحو هذا ، وقد قال تعالى لسيد > المرسلين صلى الله عليه وعليهم أجمعين: ! 2 < أفمن حق عليه كلمة العذاب أفأنت تنقذ من في النار > 2 ! [ الزمر: 19 ] فإذا كان النبي [ صلى الله عليه وسلم ] لا يقدر على تخليص أحد من النار ، فكيف بغيره ، بل > كيف بمن يدعي نفسه أنه هو يفعل ذلك ؟ ومنها أن أكثرهم يلفق حكايات في أن بعض الناس > استغاث بفلان فأغاثه ، أو دعا الولي الفلاني فأجابه ، أو في كربة ففرج عنه ، وعند عباد القبور > من ذلك شيء كثير من جنس ما عند عباد الأصنام الذين استولت عليهم الشياطين ، ولعبوا > بهم لعب الصبيان بالكرة . > > ويوجد شيء من ذلك في أشعار المادحين لسيد المرسلين [ صلى الله عليه وسلم ] الذين جاوزوا الحد في > مدحه [ صلى الله عليه وسلم ] وعصوه في نهيه من الغلو فيه ، وإطرائه كما أطرت النصارى ابن مريم ، وصار > حظهم منه [ صلى الله عليه وسلم ] هو مدحه بالأشعار والقصائد ، والغو الزائد ، مع عصيانهم له في أمره > ونهيه ، فنجد هذا النوع من أعصى الخلق له صلوات الله عليه وسلامه . ويقع من ذلك كثير > في مدح غيره ، فإن عباد القبور لا يقتصر على بعض من يعتقدون فيه الضر والنفع ، بل > كل من ظنوا فيه ذلك بالغوا في مدحه وأنزلوه منزلة الربوبية وصرفوا له خالص العبودية ، >