> جانبه عين تسمى عين العافية ، كان العامة قد افتتنوا بها يأتونها من الآفاق ، من تعذر عليها > نكاح أو ولد قالت: امضوا بي إلى العافية ، فتعرف بها الفتنة ، قال أبو عبد الله: فأنا في > السحر ذات ليلة إذ سمعت أذان أبي إسحاق نحوها ، فخرجت فوجدته قد هدمها وأذن > الصبح عليها ثم قال: اللهم إني هدمتها لك فلا ترفع لها رأساً ، قال: فما رفع لها رأس إلى > الآن . > > قلت: أبو إسحاق الذي هدمها إمام مشهور من أئمة المالكية زاهد اسمه إبراهيم بن > أحمد بن علي بن أسلم ، وكان الإمام أبو محمد ابن أبي زيد يعظم شأنه ، ويقول: طريق > أبي إسحاق خالية لا يسلكها أحد في الوقت ، وكان القابسي يقول: الجبنياني إمام يقتدى > به . مات سنة تسع وتسعين وثلاثمائة . > > وذكر ابن القيم نحو ما ذكره أبو شامة ، ثم قال: فما أسرع أهل الشرك إلى اتخاذ > الأوثان من دون الله ، ولو كانت ما كانت ، ويقولون: إن هذا الحجر ، وهذه الشجرة ، وهذه > العين تقبل النذر ، أي تقبل العبادة من دون الله ، فإن النذر عبادة وقربة يتقرب بها الناذر إلى > المنذور له . وسيأتي شيء يتعلق بهذا الباب عند قوله: ' اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد ' > وفي هذه الجملة من الفوائد ، أن ما يفعله من يعتقد في الأشجار والقبور والأحجار من > التبرك بها ، والعكوف عندها ، والذبح لها ، هو الشرك ، ولا يغتر بالعوام والطغام ، ولا > يستبعد كون هذا شركاً ، ويقع في هذه الأمة . فإذا كان بعض الصحابة ظنوا ذلك حسناً ، > وطلبوه من النبي [ صلى الله عليه وسلم ] حتى بين لهم أن ذلك كقول بني إسرائيل: اجعل لنا إلهاً ، فكيف > بغيرهم مع غلبة الجهل وبعد العهد بآثار النبوة ؟ وفيها أن الاعتبار في الأحكام بالمعاني لا > بالأسماء ، ولهذا جعل النبي [ صلى الله عليه وسلم ] طلبتهم كطلبة بني إسرائيل ، ولم يلتفت إلى كونهم سموها > ذات أنواط ، فالمشرك وإن سمى شركه ما سماه ، كمن يسمي دعاء الأموات ، والذبح لهم > والنذر ونحو ذلك تعظماً ومحبة ، فإن ذلك هو الشرك ، وإن سماه ما سماه ، وقس على > ذلك . وفيها أن من عبد فهو إله ، لأن بني إسرائيل والذين سألوا النبي [ صلى الله عليه وسلم ] لم يريدوا من > الأصنام والشجرة الخلق والرزق ، وإنما أرادوا البركة ، والعكوف عندها ، فكان ذلك اتخاذاً > له مع الله تعالى . وفيها أن معنى الإله هو المعبود ، وأن من أراد أن يفعل الشرك جهلاً فنهي > عن ذلك فانتهى لا يكفر . وأن لا إله إلا الله تنفي هذا الفعل مع دقته وخفائه على أولئك > الصحابة . ذكره المصنف ، فكيف بما هو أعظم منه ؟ ففيه رد على الجهال الذين يظنون أن > معناها الإقرار بأن الله خالق كل شيء ، وأن ما سواه مخلوق ونحو ذلك من العبارات ، > والإغلاظ على من وقع منه ذلك جهلاً . >