> > قوله: ' لتركبن ' بضم الموحدة ، أي: لتتبعن أنتم أيها الأمة سُنن من كان قبلكم بضم > السين ، أي: طرقهم ومناهجهم وأفعالهم ، ويجوز فتح السين ، وهذا خبر صحيح وجد كما > أخبر [ صلى الله عليه وسلم ] ففيه دليل على شهادة أن محمداً رسول الله . وفي الحديث من الفوائد غير ما > تقدم ، النهي عن التشبه بأهل الجاهلية من أهل الكتاب والمشركين ، وأنه متقرر عندهم أن > العبادات مبناها على الأمر ، فصار فيها التنبيه على مسائل القبر ، أما من ربك ؟ فواضح ، وأما > من نبيك ؟ فمن إخباره بأنباء الغيب ، وأما ما دينك ؟ فمن قولهم: اجعل لنا إلهاً إلى آخره ، > قاله المصنف . وفيه أن الشرك لا بد أن يقع في هذه الأمة كما وقع فيمن قبلها ، ففيه رد > على من قال: إن الشرك لا يقع في هذه الأمة . وفيه سد الذرائع والغضب عند التعليم ، وأن > ما ذم الله به اليهود والنصارى ، فإنه لنا لنحذره ، ذكر ذلك المصنف . > > تنبيه: ذكر بعض المتأخرين أن التبرك بآثار الصالحين مستحب كشرب سؤرهم ، > والتمسح بها أو بثيابهم ، وحمل المولود إلى أحد منهم ليحنكه بتمرة حتى يكون أول ما > يدخل جوفه ريق الصالحين ، والتبرك بعرقهم ونحو ذلك ، وقد أكثر من ذلك أبو زكريا > النووي في ' شرح المسلم ' في الأحاديث التي فيها أن الصحابة فعلوا شيئاً من ذلك مع > النبي [ صلى الله عليه وسلم ] ، وظن أن بقية الصالحين في ذلك كالنبي [ صلى الله عليه وسلم ] . > > وهذا خطأ صريح لوجوه: منها عدم المقاربة فضلاً عن المساواة للنبي [ صلى الله عليه وسلم ] في الفضل > والبركة . ومنها عدم تحقيق الصلاح ، فإنه لا يتحقق إلا بصلاح القلب ، وهذا أمر لا يمكن > الاطلاع عليه إلا بنص ، كالصحابة الذين أثنى الله عليهم ورسوله ، أو أئمة التابعين ، ومن > شهر بصلاح ودين كالأئمة الأربعة ونحوهم من الذين تشهد لهم الأمة بالصلاح وقد عدم > أولئك ، أما غيرهم ، فغاية الأمر أن نظن أنهم صالحون فنرجو لهم . ومنها أنا لو ظننا صلاح > شخص ، فلا نأمن أن يختم له بخاتمة سوء ، والأعمال بالخواتيم ، فلا يكون أهلاً للتبرك > بآثاره . ومنها أن الصحابة لم يكونوا يفعلون ذلك مع غيره لا في حياته ، ولا بعد موته ، ولو > كان خيراً لسبقونا إليه ، فهلا فعلوه مع أبي بكر وعمر وعثمان وعلي ونحوهم من الذين شهد > لهم النبي [ صلى الله عليه وسلم ] بالجنة ، وكذلك التابعون هلا فعلوه مع سعيد بن المسيب وعلي بن الحسين > وأويس القرني ، والحسن البصري ونحوهما ممن يقطع بصلاحهم ، فدل أن ذلك مخصوص > بالنبي [ صلى الله عليه وسلم ] . ومنها أن فعل هذا مع غيره [ صلى الله عليه وسلم ] لا يؤمن أن يفتنه ، وتعجبه نفسه ، فيورثه العجب > والكبر والرياء ، فيكون هذا كالمدح في الوجه بل أعظم . >