القسم الثاني: تنزيل جزئي، أو تنزيل معنى بأن يقال: أن معنى ماورد في النص الفلاني قد وقع شيء منه في زماننا هذا، وذلك وفق ضوابط شرعية.
وهذا التنزيل يختلف عن تنزيل أصحاب الرأي الأول بعدم الجزم، وعدم الخوض فيما سيحدث، وإنما كلامهم فيما وقع قبل زمانهم أو في زمانهم، مع عدم القطع والجزم، وإنما بحسب ماظهر لهم من فهم النصوص على ماتدل عليه قواعد الاستنباط [1] .
وممن قال بهذا الرأي وكلامه يدل عليه:
1_ صنيع العلماء في مؤلفاتهم عن الفتن وأشراط الساعة. [2]
2_ الإمام القرطبي /: (والذي ينبغي أن يقال به في هذا الباب، أن ماأخبر به النبي - صلى الله عليه وسلم - من الفتن والكوائن أن ذلك يكون، وتعيين الزمان في ذلك من سنة كذا يحتاج إلى طريق صحيح يقطع العذر) [3] .
3_ الشيخ سعد حمد بن عتيق / [4] في معرض رده على من زعم أن القحطاني هو محمد بن رشيد (وأما الجزم بالتعيين مع تخلف العلم بمدلول اللفظ، أو وجود بعض الاحتمالات التي يتعذر معها الجزم بالمفهوم، أو عدم اعتبار حال المدعى أنه المراد، والإعراض عن التفتيش في سيرته، فلا يخفى بعده عن العلم المفيد عند أهل المعرفة) [5] .
(1) انظر: مسائل في الفتن، فيصل بن حيان آل صبحان، ط. الأولى (بيروت: مؤسسة الريان 1426 هـ/2005 م) ص 53 بتصرف.
(2) وسيأتي بيان منهجهم في المبحث التالي.
(3) التذكره ص 736.
(4) هو سعد حمد بن عتيق، قاضي من علماء نجد، ولد في مدينة الأفلاج عام 1277 هـ، ورحل إلى الهند لطلب العلم، فاتصل بالشيخ صديق حسن خان، وعاد إلى بلاده، وتولى التدريس والقضاء في الرياض، وتوفي بها عام 1349 هـ.
له نظم شرح الزاد في الفقه، ورسائل صغيرة في التوحيد والسنة والنصائح. انظر: الأعلام 3/ 84.
(5) الدرر السنية في الأجوبة النجدية 1/ 559.