فهرس الكتاب
الصفحة 292 من 437

(فقد كان من هدي السلف رحمهم الله أنهم لا ينزلون أحاديث الفتن على واقع حاضر، وإنما يرون أصدق تفسير لها، وقوعها مطابقة لخبر النبي - عليه السلام -.

ولذلك نلاحظ أن عامة شارحي الأحاديث الشريفة، كانوا يفيضون في شرحها واستنباط الأحكام منها، حتى إذا أتوا على أبواب الفتن وأشراط الساعة، أمسكوا أو اقتصدوا في شرحها للغاية، وربما اقتصروا على تحقيق الحديث فاكتفوا بشرح غريبة، بخلاف ما يحصل من بعض المتعجلين المتكلفين اليوم، فإنه بمجرد ظهور بوادر لأحداث معينة سياسية كانت أو عسكرية محلية أو عالمية تستخفهم البُداءات، وتستفزهم الانفعالات فيُسقطون الأحاديث على أشخاص معينين أو وقائع معينة، ثم لا تلبث الحقيقة أن تبين، ويكتشفوا أنهم تهوروا وتعجلوا) [1]

ويقول صديق حسن خان - رحمه الله - في تعريفه لعلم الملاحم قال: (جمع ملحمة، وهي الواقعة العظيمة في الفتنة مثل: بختنصر، ووقعة جنكيز خان، وهولاكو، وتيمور [إلى أن قال] :(وقد وقعت منها ملاحم وفتن كثيرة ويقع ما بقي منها، ولكن العلم بمواقيتها مما استأثر الله سبحانه وتعالى بعلمه، ولا يتيسر لبشر العلم بوقتها، إلا بعد وقوعها، وحصول التطبيق بالأحاديث الواردة فيها) [2]

وبعض أحاديث الفتن لا تحدد الزمان لخروجها، فلو حددت الأحاديث سنوات خروجها لما أصبحت فتناً، ولما وقع فيها الناس وامتحنوا.

ولهذا فإن الفتن لا تعرف إلا بعد حدوثها، أما خلال فترة الوقوع فلا يتم تميزها ومعرفة حقيقتها، ولهذا يقع الإنسان فيها من حيث لا يدري، ويتم امتحانه وبالتالي تتحقق سنة الله التي جعلها غاية لوجود هذه الفتن. [3]

(1) المهدي وفقه أشراط الساعة ص 705.

(2) أبجد العلوم 2/ 518.

(3) انظر: مختارات من أحاديث الفتن ص 45.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام