يقول محمد عيسى داود: (المهدي طويل القامة طولا مميزا، ربما يتراوح ما بين 180 و 109 سم، ولا يظهر بالعقال أبدا، إنما يلبس الزي"الرومي"... يهني لبسه الأساسي هو الزي المدني الحالي بجميع أشكاله الحضارية المدنية الحالية، فهو ليس غريبا في هيئته عن الحضارة الغربية، وأحيانا يرتدي العباءة والجلباب كما يرتديها أحدنا، وفي البرودة له"بالطو"مثل بالطو الاسكيندياف الروس، ولكن زيه الرسمي البدلة والكرفت) [1] .
6 _ عدم تحديد تواريخ وأوقات معينة لوقوع الفتن وأشراط الساعة مما لم يرد في النصوص:
والمقصود هو الكف عن تحديد وقوع النص وتحققه بتواريخ معينة لم ترد، وهذا الأمر هو الذي سار عليه أهل العلم ممن كتب في الفتن وأشراط الساعة، فغاية مايفعلونه هو قولهم: إن وقت هذه الواقعة في زمن المهدي مثلاً أو في وقت نزول عيسى ابن مريم - عليها السلام - أو قبله أو بعده ونحو ذلك من البيان والتحديد العام الذي يرجع إلى ترتيب أشراط الساعة لاختلاف الروايات في ذلك.
وقد بينت السنة لنا بعض الفتن وأشراط الساعة زماناً ومكاناً [2] ، ومن استقرء النصوص في ذلك وجدها من حيث الزمن والمكان تنقسم إلى أربعة أقسام:
القسم الأول: مابين فيه النبي - عليه السلام - زمن الفتنة ومكانها.
القسم الثاني: مابين فيه النبي - عليه السلام - زمن الفتنة دون مكانها.
القسم الثالث: مابين فيه النبي - عليه السلام - المكان دون الزمان.
القسم الرابع: مالم يبين زمانه ولامكانه وهو الأكثر.
ولايجوز لأحدٍ أن يحدد زماناً أو مكاناً لأمور ثلاثة:
أولها: أن في التحديد تقول على الله بغير علم، وتدخل فيما هو من خصائص الله تعالى، وهو علم الغيب.
الثاني: أن في التحديد إثارة للفتن وزيادة لها، بل ربما تسبب ذلك في إحداث فتن جديدة ليست هي المقصودة في النص.
الثالث: أن تحديد ذلك قد يؤدي إلى تكذيب الله ورسوله، وخصوصاً من الجهال والطغام، وخاصة إذا وقع الأمر خلاف ماأخبر به ذلك المحدد فيقع اللبس ويحدث الشك، ولربما كذب الله ورسوله والإثم على المتجريء. [3]
ومن أقوال العلماء في تقرير هذا الأمر:
أ_ يقول الإمام القرطبي - رحمه الله: (والذي ينبغي أن يقال به في هذا الباب أن ما أخبر به النبي - عليه السلام - من الفتن والكوائن أن ذلك يكون، وتعيين الزمان في ذلك من سنة كذا يحتاج إلى طريق صحيح يقطع العذر، وإنما ذلك كوقت قيام الساعة فلا يعلم أحد أي سنة هي ولا أي شهر) [4] ،
ب_ وقال صديق حسن خان - رحمه الله - في تعريفه لعلم الملاحم قال: (جمع ملحمة، وهي الواقعة العظيمة في الفتنة مثل: بختنصر، ووقعة جنكيز خان، وهولاكو، وتيمور [إلى أن قال] :(وقد وقعت منها ملاحم وفتن كثيرة ويقع ما بقي منها، ولكن العلم بمواقيتها مما استأثر الله سبحانه وتعالى بعلمه، ولا يتيسر لبشر العلم بوقتها، إلا بعد وقوعها، وحصول التطبيق بالأحاديث الواردة فيها) [5] .
(1) المفاجأة ص 90 وانظر: تحذير ذوي الفطن من عبث الخائضين في أشراط الساعة والملاحم والفتن، أحمد بن إبراهيم بن أبي العينين، ط. بدون (بدون: دار الآثار، بدون) ص 181.
(2) سبق ذكر جملة من الأدلة الدالة عليه في الفصل الأول، المبحث الثاني. انظر: ص 54 من هذه الرسالة.
(3) انظر: مسائل في الفتن ص 33_35.
(4) التذكرة 2/ 477.
(5) أبجد العلوم، تحقيق: عبد الجبار زكار، ط. بدون (بيروت: دار الكتب العلمية 1978 م) 2/ 518.