فهرس الكتاب
الصفحة 232 من 437

من القواعد المقررة عند أهل السنة والجماعة حمل النص على ظاهره المتبادر منه، دون تعرض له بتحريف أو تعطيل أونحوها، واعتقاد أن ظاهر النص يطابق مراد المتكلم به؛ لأن مراد المتكلم إنما يكون في نفسه ولايعرف إلا بالألفاظ الدالة عليه والأصل أن يحمل كلامه على مافي نفسه من المعاني المعبر عنه بالألفاظ، وليس لنا طريق في معرفة مراده من كلامه إلا بإحدى ثلاث طرق:

الأول: أن يصرح بإرادة المعنى المطلوب بيانه.

الثاني: أن يستعمل اللفظ الذي له معنى ظاهر بالوضع مع تخلية الكلام عن أية قرينة تصرفه عن ظاهره الظاهر.

الثالث: أن يحف كلامه بالقرائن الدالة على مراده.

وبعض الألفاظ قد يحتمل أكثر من معنى عند الإطلاق، لكن عند استعماله في سياق مفيد، فإنه لابد من قطع الاحتمالات وإبقاء معنى واحد فقط، ولهذا لانجد لفظاً مجرداً عن جميع القرائن الدالة على مراد المتكلم، بل هذا ممتنع وجوده في الخارج، وإنما يقدره الذهن ويفرضه.

قال الإمام ابن القيم - رحمه الله: (تجرد اللفظ عن جميع القرائن الدالة على مراد المتكلم ممتنع في الخارج، وإنما يقدره الذهن ويفرضه، وإلا فلا يمكن استعماله إلا مقيداً بالمسند والمسند إليه، ومتعلقاتهما وأخواتهما الدالة على مراد المتكلم) [1]

وقال: (فائدة إرشادات السياق: السياق يرشد إلى تبيين المجمل، وتعيين المحتمل، والقطع بعدم احتمال غير المراد، وتخصيص العام، وتقييد المطلق، وتنوع الدلالة، وهذا من أعظم القرائن الدالة على مراد المتكلم، فمن أهمله غلط في نظره وغالط في مناظرته فانظر إلى قوله تعالى:

(1) بدائع الفوائد، تحقيق: معروف زريق ومحمد سليمان وعلي بلطه جي، ط. الأولى (بيروت: دار الخاني 1414 هـ/1994 م) 4/ 204_205.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام