وإن أمة الإسلام اليوم تحتاج إلى أن تراجع هذه النصوص الشرعية، لتجد السبيل للخروج مما هي فيه من أزمات وفتن يرقق بعضها بعضا.
يقول الشيخ محمد صديق حسن خان - رحمه الله: (قد أحاطت هذا الزمان وأهله فتن كثيرة لا تحصى، خصوصاً ذهاب دولة الإسلام، وحكومة الإيمان، وغربة الدين، وفشو البدع والمضلين، وقلة العلم، وكثرة الجهل، وإيثار الخلق على الحق، والعاجلة على الآجلة، وترك الغزو، والقنوع بما في أيدي الناس، والانهماك في أمر المعاش، والإعراض عن المعاد، وكثرة التحاسد، والمفاسد التي أسرت أفراح القلوب، وشقت قلوب المؤمنين قبل الجيوب، فأصبحوا في حال يعدون المنايا أمانيا، ويرون _ لضعف الدين ووهن اليقين_ الموت طبيباً شافياً، إذا عثرت خيول الفتن والنِّقم، وولت جنود الدَّعة والنِّعم، وصارت الدنيا كلها آفات وبلايا، وكم في الزوايا من رزايا) [1] .
(وإن من الرزايا ما نراه من كتابات تخرج بين الفينة والأخرى، قد اتخذت من نصوص الفتن والأشراط والملاحم مرتعاً خصباً لعبث العابثين، وظنون المتخرصين، فقاموا بتنزل نصوص الفتن وأشراط الساعة على حوادث معينة.
ومما زاد الأمر خطورة أن خاض فيه من يُنسب إلى العلم، في كهانة مقنعة تلبس لبوس النص، والنص ينادي عليها بالبراءة.
قد رسموا صورة الحاضر والمستقبل بما جادت به عقولهم، ثم حاولوا أن يجعلوا من تلك النصوص أصباغاً يلونون بها تلك الصور فأساؤوا، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً، قد ضمَّنوا صورهم تلك كتباً يلقونها على الناس مع كل فتنة، ومع كل أزمة تمر بالأمة.
إنه باب جديد من أبواب تحريف النصوص، يُفتح بل يُكسر لينفذ من خلاله من يريد حرف المسار الصحيح للإصلاح في تثبيط عجيب عن العمل، ودعوة للقعود
(1) الإذاعة لما كان ويكون بين يدي الساعة، محمد صديق خان، عناية: بسام عبدالوهاب الجابي، ط. الثانية (بيروت: دار ابن حزم 1426 هـ/2005 م) ص 218