فهرس الكتاب
الصفحة 265 من 359

وكذلك كان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، فقد سجن وأوذي وعذب، ولما أظهره الله على من فعل به ذلك، وطلب منه السلطان معاقبتهم بمثل ما عاقبوه به -تصديقاً لكلام الله سبحانه وتعالى: وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا [الشورى:40] .. وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ [النحل:126] - عفا عنهم، وهذا هو خلق أهل السنة؛ يعملون بالإحسان مع أنه بإمكانهم أن يعاملوا خصومهم بالعدل.

يقول:"ولو كانوا مرتدين عن الإسلام لم يجز الاستغفار لهم -قطعاً- فإن الاستغفار للكفار لا يجوز بالكتاب والسنة والإجماع".

وهذا معلوم، قال تعالى: مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى [التوبة:113] يقول:"وهذه الأقوال والأعمال منه -أي من الإمام أحمد رحمه الله- ومن غيره من الأئمة صريحة في أنهم لم يكفروا المعينين من الجهمية الذين كانوا يقولون: القرآن مخلوق، وإن الله لا يرى في الآخرة، وقد نقل عن أحمد ما يدل على أنه كفر قوماً معينين".

فقد نقل عن أحمد من طريق تلاميذه الثقات أنه كفر معينين، وهذا الذي نريد أن نفهمه؛ فإن المسألة ليست على إطلاقها في أنه لا يَكْفُر من هؤلاء أحد؛ بل هناك من يَكْفُر من هؤلاء المعينين؛ كذلك لابد من إطلاق القول العام بالتكفير في غير المعين.

يقول:"فإما أن يذكر عنه في المسألة روايتان، ففيه نظر، أو يحمل الأمر على التفصيل، فيقال: من كفر بعينه؛ فلقيام الدليل على أنه وجدت فيه شروط التكفير، وانتفت موانعه، ومن لم يكفره بعينه؛ فلانتفاء ذلك في حقه".

أي أنه قد يقال: إن الإمام أحمد روي عنه روايتان، أنه كفر فلاناً أو ما كفره، فهذا جائز أن يقع، لكنه احتمال ضعيف، والأولى التفصيل"فيقال: من كفر بعينه فلقيام الدليل على أنه وجدت فيه شروط التكفير وانتفت موانعه".

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام