> > وفي ' صحيح البخاري ' عن ابن عباس مرفوعاً: ' الشفاء ' في ثلاث: شربة عسل ، > وشرطة محجم ، وكية نار . وأنا أنهى عن الكي ' وفي لفظ: ' وما أحب أن أكتوي ' . > > قال ابن القيم: فقد تضمنت أحاديث الكي أربعة أنواع: أحدها: فعله ، والثاني: عدم > محبته له . والثالث: الثناء على من تركه . والرابع: النهي عنه . ولا تعارض بينها بحمد الله ، > فإن فعله له يدل على جوازه ، وعدم محبته له لا يدل على المنع منه . وأما الثناء على تاركيه ، > فيدل على أن تركه أولى وأفضل ، وأما النهي عنه ، فعلى سبيل الاختيار والكراهية . > > قوله: ' ولا يتطيَّرون ' أي: لا يتشاءمون بالطيور ونحوها ، وسيأتي بيان الطيرة وما يتعلق > بها في بابها إن شاء الله تعالى . > > قوله: ' وعلى ربِّهم يتوكلون ' . ذكر الأصل الجامع الذي تفرعت عنه هذه الأفعال وهو > التوكل على الله ، وصدق الالتجاء إليه ، والاعتماد بالقلب عليه الذي هو خلاصة التفريد ، > ونهاية تحقيق التوحيد الذي يثمر كل مقام شريف من المحبة والخوف والرجاء ، والرضى به > رباً وإلهاً ، والرضى بقضائه ، بل ربما أوصل العبد إلى التلذذ بالبلاء ، وعده من النعماء ، > فسبحان من يتفضل على من يشاء بما يشاء ، والله ذو الفضل العظيم . > > واعلم أن الحديث لا يدل على أنهم لا يباشرون الأسباب أصلاً كما يظنه الجهلة ، فإن > مباشرة الأسباب في الجملة أمر فطري ضروري لا انفكاك لأحد عنه حتى الحيوان البهيم ، بل > نفس التوكل مباشرة لأعظم الأسباب كما قال تعالى: ! 2 < ومن يتوكل على الله فهو حسبه > 2 ! [ الطلاق: 3 ] أي: كافيه إنما المراد أنهم يتركون الأمور المكروهة مع حاجتهم إليها توكلاً > على الله ، كالاسترقاء والاكتواء فتركهم له ليس لكونه سبباً لكن لكونه سببا مكروهاً ، لا سيما والمريض يتشبث بما يظنه سبباً لشفائه بخيط العنكبوت > > أما نفس مباشرة الأسباب ، والتداوي على وجه لا كراهية فيه ، فغير قادح في التوكل ، > فلا يكون تركه مشروعاً كما في ' الصحيحين ' عن أبي هريرة مرفوعاً: ' مَا أَنزَلَ الله مِن دَاءٍ إلاَّ > أَنْزَلَ لَهُ شِفاء ' وعن أسامة بن شريك قال: كنت عند النبي [ صلى الله عليه وسلم ] وجاءت الأعراب ، فقالوا: >