> > قال الحافظ الذهبي: رواه أبو داود بإسناد حسن عنده في ' الرد على الجهمية ' من > حديث محمد بن إسحاق بن يسار . > > قوله: ' ويحك إنه لا يستشفع بالله على أحد من خلقه ' فإنه تعالى رب كل شيء > ومليكه ، والخير كله بيده ، لا مانع لما أعطى ، ولا معطي لما منع ، ولا راد لما قضى ، وما > كان الله ليعجزه من شيء في السماوات ولا في الأرض إنه كان عليماً قديراً . إنما أمره إذا أراد > شيئاً أن يقول له: كن فيكون . والخلق وما في إيديهم ملكه يتصرف فيهم كيف يشاء ، وهو > الذي يشفع الشافع إليه ، ولهذا أنكر على الأعرابي . > > قوله: ' وسبح الله كثيراً وعظمه ' لأن هذا القول لا يليق بالخالق سبحانه وبحمده ، وأن > شأن الله أعظم من ذلك . > > وفي هذا الحديث: إثبات علو الله على خلقه ، وأن عرشه فوق سماواته . وفيه: تفسير > الاستواء بالعلو كما فسره الصحابة والتابعون والأئمة ، خلافاً للمعطلة والجهمية و المعتزلة > ومن أخذ عنهم ، كالأشاعرة ونحوهم ممن ألحد في أسماء الله وصفاته ، وصرفها عن المعنى > الذي وضعت له ودلت عليه ، من إثبات صفات الله تعالى التي دلت على كماله جل وعلا > كما عليه السلف الصالح والأئمة ومن تبعهم ممن تمسك بالسنة ، فإنهم أثبتوا ما أثبته الله > لنفسه وأثبته له رسوله من صفات كماله ، على ما يليق بجلاله وعظمته ، إثباتاً بلا تمثيل ، > وتنزيها بلا تعطيل . > > قال العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى في ' مفتاح دار السعادة ' - بعد كلام سبق فيما > يعرف العبد بنفسه وبربه من عجائب مخلوقاته قال بعد ذلك . > > والثاني: أن يتجاوز هذا إلى النظر بالبصيرة الباطنة ، فتفتح له أبواب السماء ، فيجول > في أقطارها وملكوتها وبين ملائكتها ، ثم يفتح له باب بعد باب حتى ينتهي به سير القلب > إلى عرش الرحمن ، فينظر سعته وعظمته وجلاله ومجده ورفعته ويرى السماوات السبع > والأرضين السبع بالنسبة إليه كحلقة ملقاة بأرض فلاة ، ويرى الملائكة حافين من حول > العرش لهم زجل بالتسبيح والتحميد ، والتقديس والتكبير ، والأمر ينزل من فوقه بتدبير > الممالك والجنود التي لا يعلمها إلا ربها ومليكها ، فينزل الأمر بإحياء قوم وإماتة آخرين ، > وإعزاز قوم وإذلال آخرين ، وإنشاء ملك وسلب ملك ، وتحويل نعمة من محل إلى محل > وقضاء الحاجات على اختلافها وتبيانها وكثرتها ؛ من جبر كسير ، وإغناء فقير ، وشفاء > مريض ، وتفريج كرب ، ومغفرة ذنب ، وكشف ضر ، ونصر مظلوم ، وهداية حيران ، وتعليم > جاهل ورد آبق ، وأمان خائف ، وإجارة مستجير ، ومدد لضعيف ، وإغاثة لملهوف ، وإعانة > لعاجز ، وانتقام من ظالم ، وكف لعدوان ، فهي مراسيم دائرة بين العدل والفضل والحكمة > والرحمة ، تنفذ في أقطار العوالم ، لا يشغله سمع شيء منها من سمع غيره ، ولا تغلطه كثرة >