> > فأخبره ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ' أفلح وأبيه إن صدق ' رواه البخاري ، وقال للذي سأله: أي > الصدقة أفضل ' أما وأبيك لتنبأنه ' رواه مسلم ونحو ذلك من الأحاديث . > > قيل: ذكر العلماء عن ذلك أجوبة . > > أحدها: ما قاله ابن عبد البر في قوله: ' أفلح وأبيه إن صدق ' . هذه اللفظة غير > محفوظة ، وقد جاءت عن راويها إسماعيل بن جعفر ' أفلح والله إن صدق ' قال: وهذا أولى > من رواية من روى عنه بلفظ ' أفلح وأبيه ' لأنها لفظة منكرة تردها الآثار الصحاح ، ولم تقع > في رواية مالك أصلاً ، وزعم بعضهم أن بعض الرواة عنه صحف قوله: ' وأبيه ' من قوله: > ' والله ' انتهى . وهذا جواب عن هذا الحديث الواحد فقط ولا يمكن أن يجاب به عن غيره . > > الثاني: أن هذا اللفظ كان يجري على ألسنتهم من غير قصد للقسم به ، والنهي إنما > ورد في حق من قصد حقيقة الحلف ذكره البيهقي وقال النووي: إنه المرضي . > > قلت: هذا جواب فاسد ، بل أحاديث النهي عامة مطلقة ليس فيها تفريق بين من قصد > القسم وبين من لم يقصد ، ويؤيد ذلك أن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه حلف مرة > باللات والعزى ، ويبعد أن يكون أراد حقيقة الحلف بهما ، ولكنه جرى على لسانه من غير > قصد على ما كانوا يعتادونه قبل ذلك ، ومع هذا نهاه النبي صلى الله عليه وسلم . غاية ما يقال: أن من جرى > ذلك على لسانه من غير قصد معفو عنه ، أما أن يكون ذلك أمراً جائزاً للمسلم أن يعتاده > فكلا . وأيضاً فهذا يحتاج إلى نقل أن ذلك كان يجري على ألسنتهم من غير قصد للقسم ، > وأن النهي إنما ورد في حق من قصد حقيقة الحلف وأنى يوجد ذلك ؟ > > الثالث: أن مثل ذلك يقصد به التأكيد لا التعظيم ، وإنما وقع النهي عما يقصد به > التعظيم . > > قلت: وهذا أفسد من الذي قبله ، وكأن من قال ذلك لم يتصور ما قال ، فهل يراد > بالحلف إلا تأكيد المحلوف عليه بذكر من يعظمه الحالف والمحلوف له ؟ فتأكيد المحلوف >