> بالمتشابه ، أي ما يشتبه فهمه على بعض الناس دون بعض ، فالمتشابه أمر نسبي إضافي ، > فقد يكون مشتبهاً بالنسبة إلى قوم بيناً جلياً بالنسبة إلى آخرين . ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لما خرج > على قوم يتراجعون في القرآن فغضب وقال: ' بهذا ضَلِّت الأمَمُ قبلكم ؛ باختلافهم على > أنبيائهم ، وضرب الكتاب بعضه ببعض ، وإن القرآن لم ينزل ليُكذب بعضُه بعضاً ، ولكن نَزَلَ > لأن يُصَدقُ بعضُهُ بعضاً ، فما عرفتم منه فاعملوا به ، وما تَشَابَه عليكم فآمنوا به ' رواه ابن > سعد ، وابن الضريس وابن مردويه . > > وأما قوله تعالى: ^ ( هُوَ الذي أَنزلَ عَليكَ الكِتَب مِنْهُ ءايتٌ مُحكمَتُ هُن أُم الكِتَب وأُخر > مُتَشَابِهاتٌ ) ^ [ آل عمران: 7 ] . فقال ابن كثير: يخبر تعالى أن في القرآن آيات محكمات ، > أي: بينات واضحات الدلالة لا التباس فيها على أحد ، ومنه آيات أخر فيها اشتباه في > الدلالة على كثير من الناس أو بعضهم . فمن رد ما اشتبه عليه إلى الواضح منه ، وحكم > محكمه على متشابهه عنده فقد اهتدى ، ومن عكس انعكس ، ولهذا قال: ^ ( هُنَّ أُم الكِتَبِ ) ^ ، > أي: أصله الذي يرجع إليه عند الاشتباه ^ ( وأُخرُ مُشتبِهتٌ ) ^ أي: تحتمل دلالتها موافقة > المحكم ، وقد تحتمل أشياء أخرى من حيث اللفظ والتركيب لا من حيث المراد ، ولهذا قال > تعالى: ! 2 < فأما الذين في قلوبهم زيغ > 2 ! أي: ضلال وخروج عن الحق إلى الباطل ^ ( فيتبعُونَ مَا > تشَبَهَ مِنْهُ ) ^ ، أي: إنما يأخذون منه بالمتشابه الذي يمكنهم أن يحرفوه إلى مقاصدهم > الفاسدة ، وينزلوه عليها لاحتمال لفظه لما يصرفونه . فأما المحكم ، فلا نصيب لهم فيه ، لأنه > دافع لهم ، وحجة عليهم ، ولهذا قال: ! 2 < ابتغاء الفتنة > 2 ! أي: الإضلال لأتباعهم ، إيهاماً لهم . > أنهم يحتجون على بدعتهم بالقرآن ، وهو حجة عليهم لا لهم . انتهى . > > وقال ابن عباس: ! 2 < فأما الذين في قلوبهم زيغ > 2 ! [ آل عمران: 7 ] يعني أهل الشك ، > فيحملون المحكم على المتشابه ، والمتشابه على المحكم ، ويلبسون ، فلبس الله عليهم > ! 2 < وما يعلم تأويله إلا الله > 2 ! قال: تأويله يوم القيامة لا يعلمه إلا الله رواه ابن جرير ، وابن > المنذر ، وابن أبي حاتم . وقوله ! 2 < وما يعلم تأويله إلا الله > 2 ! [ آل عمران: 7 ] تقدم كلام ابن > عباس . وقال مقاتل والسدي: يبتغون أن يعلموا ما يكون ، وما عواقب الأشياء من > القرآن . > > قلت: فهذا التأويل الذي انفرد الله بعلمه هو العلم بحقائق الأشياء وما تؤول إليه >