> > قال: عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً قال الله تعالى: ( أنا أغنى الشركاء عن > الشرك ، من عمل عملاً أَشرك معي فيه غيري ، تركته وشركه ' رواه مسلم . > > ش: قوله: ' أنا أغنى الشركاء عن الشرك ' لما كان المرائي قاصداً بعمله الله تعالى > وغيره ، كان قد جعل الله تعالى شريكاً ، فإذا كان كذلك ، فالله تعالى هو الغني على > الإطلاق ، والشركاء بل جميع الخلق فقراء إليه بكل اعتبار ؛ فلا يليق بكرمه وغناه التام أن > يقبل العمل الذي جعل له فيه شريك ، فإن كماله تبارك وتعالى وكرمه وغناه يوجب أن لا > يقبل ذلك ، ولا يلزم من اسم التفضيل إثبات غنى للشركاء ، فقد تقع المفاضلة بين الشيئين ، > وإن كان أحدهما لا فضل فيه كقوله تعالى: ^( ءالله خيرُ أَما يُشرِكُونَ ) ^ [ النمل: 59 وقوله > تعالى: ^ ( أَصحبُ الجنة يَومئذ خيرٌ مُستقراً وأَحسنُ مَقِيلاً * ) [ الفرقان: 24 ] . > > قوله: ' من عمل عملاً أَشركَ معي فيه غَيري ' ، أي: من قصد بذلك العمل الذي يعمله > لوجهي غيري من المخلوقين ' تركته وشركه ' وفي رواية عند ابن ماجه وغيره ' فأنا منه بريء > وهو للذي أشرك ' . قال الطيبي: الضمير المنصوب في ' تركته ' يجوز أن يرجع إلى العمل > والمراد من الشرك الشريك . > > قال ابن رجب: واعلم أن العمل لغير الله وأسام فتارة يكون رياء محضاً ، فلا يراد به > سوى مراءاة المخلوقين لغرض دنيوي ، كحال المنافقين في صلاتهم كما قال تعالى: ^ ( وَإذا > قَامُوا إِلى الصلاة قامُواْ كُسالىَ يُراءونَ الناس ) ^ [ النساء: 142 ] وكذلك وصف الله الكفار بالرياء > في قوله: ^ ( ولاَ تكونُواْ كالذين خَرجواْ من ديرهم بَطراً ورئاء النَّاس ) ^ [ الأنفال: 47 ] وهذا > الرياء المحض لا يكاد يصدر من مؤمن في فرض الصلاة والصيام ، وقد يصدر في الصدقة > الواجبة ، أو الحج أو غيرهما من الأعمال الظاهرة أو التي يتعدى نفعها ، فإن الإخلاص فيها > عزيز ، وهذا العمل لا يشك مسلم أنه حابط ، وأن صاحبه يستحق المقت من الله والعقوبة ، > وتارة يكون العمل لله ويشاركه الرياء ، فإن شاركه من أصله ، فالنصوص الصحيحة تدل على > بطلانه ، ثم ذكر أحاديث تدل على ذلك ، منها الحديث الذي ذكره المصنف ، وحديث > شداد بن أوس مرفوعاً ' من صلى يرائي فقد أشرك ، ومن صام يرائي فقد أشرك ، ومن > تصدق يرائي فقد أشرك ، وإن الله عز وجل يقول: أنا خير قسيم لمن أشرك بي ، فمن أشرك >