فهرس الكتاب
الصفحة 435 من 639

> فيثاب عليها ، ولأنها تقتضي الإنابة إلى الله والذل له ، والإعراض عن الخلق ، إلى غير ذلك > من المصالح العظيمة فنفس البلاء يكفر الله به الخطايا ، ومعلوم أن هذا من أعظم النعم ، ولو > كان رجل من أفجر الناس فإنه لا بد أن يخفف الله عنه عذابه بمصائبه . فالمصائب رحمة > ونعمة في حق عموم الخلق إلا أن يدخل صاحبها بسببها في معاصي أعظم مما كان قبل > ذلك ، فتكون شراً عليه من جهة ما أصابه في دينه ، فإن من الناس من إذا ابتلي بفقر أو > مرض أو جوع حصل له من الجزع والسخط والنفاق ومرض القلب ، أو الكفر الظاهر ، > أو ترك بعض الواجبات وفعل بعض المحرمات ما يوجب له ضرراً في دينه بحسب ذلك . > فهذا كانت العافية خيراً له من جهة ما أورثته المصيبة ، لا من جهة المصيبة ، كما أن من > أوجبت له المصيبة صبراً وطاعة كانت في حقه نعمة دينية ، فهي بعينها فعل الرب عز وجل > رحمة للخلق ، والله تبارك وتعالى محمود عليها ، فإن اقترن بها طاعة كان ذلك نعمة ثانية > على صاحبها ، وإن اقترن بها للمؤمن معصية ، فهذا مما تتنوع فيه أحوال الناس كما تتنوع > أحوالهم في العافية ، فمن ابتلي فرزق الصبر كان الصبر عليه نعمة في دينه ، وحصل له بعد > ما كفر من خطاياه رحمة ، وحصل له بثنائه على ربه صلاة ربه عليه حيث قال: ! 2 < أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون > 2 ! [ البقرة: 157 ] فحصل له غفران > السيئات ، ورفع الدرجات وهذا من أعظم النعم . فالصبر واجب على كل مصاب ؛ فمن قام > بالصبر الواجب حصل له ذلك . انتهى ملخصاً . > > قوله: ' وإذا أراد بعبده الشر أمسك عنه ' أي: أخر عنه العقوبة بذنبه . > > قوله: ' حتى يُوافِي به يوم القيامة ' هو بضم الياء وكسر الفاء منصوباً بحتى مبنياً للفاعل . > قال العزيزي: أي: لا يجازيه بذنبه في الدنيا حتى يجيء في الآخرة مستوفي الذنوب وافيها > فيستوفي ما يستحقه من العقاب . > > قلت: وهذا مما يزهد العبد في الصحة الدائمة خوفاً أن تكون طيباته عجلت له في > الحياة الدنيا ، والله تعالى لم يرض الدنيا لعقوبة أعدائه ، كما لم يرضها لإثابة أوليائه بل جعل > ثوابهم أن أسكنهم في جواره ورضي عنهم كما قال تعالى: ^ ( إِن المُتقين في جَنتِ ونَهَرٍ * في > مقعدِ صدقٍ عند مَليكٍ مقتدرِ * ) ^ [ القمر: 54 - 55 ] لهذا لما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الأسقام قال > رجل: يا رسول الله وما الأسقام ؟ والله ما مرضت قط قال: ' قُم عنا فلست منا ' رواه أبو > داود . وهذه الجملة هي آخر الحديث فأما قوله: وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ' إن عظم الجزاء ' إلى >

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام