> > ومنها: ما روى مالك عن يحيى بن سعيد قال: ' جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم > فقالت: يا رسول الله دار سَكَنَّاها والعددُ كثير والمال وَافرٌ فقلَّ العَدَدُ وذَهب المالَ ، فقال > النبي صلى الله عليه وسلم: دَعُوها ذَميمة ' رواه أبو داود عن أنس بنحوه وجوابه أن هذا ليس من الطيرة > المنهي عنها ، بل أمرهم بالانتقال لأنهم استثقلوها واستوحشوا منها ، لما لحقهم فيها > ليتعجلوا الراحة مما دخلهم من الجزع ، لأن الله قد جعل في غرائز الناس استثقال ما نالهم > الشر فيه ، وإن كان لا سبب له في ذلك وحب من جرى على يديه الخير لهم ، وإن لم > يردهم به ، ولأن مقامهم فيها قد يقودهم إلى الطيرة ، فيوقعهم ذلك في الشرك ، والشر الذي > يلحق المتطير بسبب طيرته ، وهذا بمنزلة الخارج من بلد الطاعون غير فار منه ، ولو منع > الناس الرحلة من الدار التي تتوالى عليهم فيها المصائب والمحن ، وتعذر الأرزاق مع سلامة > التوحيد في الرحلة ، للزم كل من ضاق عليه رزق في بلد أو قلة فائدة صناعته أو تجارته فيها > أن لا ينتقل عنها إلى غيرها . > > ومنها فإن قيل: ما الفرق بين الدار وبين موضع الوباء حيث رخص في الارتحال عن > الدار دون موضع البلاء ؟ أجاب بعضهم أن الأمور بالنسبة إلى هذا المعنى ثلاثة أقسام: > أحدها: ما لا يقع التطير منه إلا نادراً ، أو لا مكرراً فهذا لا يصغي إليه كنعيب الغراب في > السفر ، وصراخ بومة في دار ، وهذا كانت العرب تعتبره . ثانيها: ما يقع به ضرر ، ولكنه > يعم ولا يخص ويندر ولا يتكرر كالوباء ، فهذا لا يقدم عليه ولا يفر منه . وثالثها: سبب > محض ولا يعم ويلحق به الضرر لطول الملازمة كالمرأة ، والفرس والدار فيباح له > الاستبدال ، أو التوكل على الله ، والإعراض عما يقع في النفس ذكره في ' شرح السنن ' . > > ومنها: حديث اللقحة لما منع النبي صلى الله عليه وسلم حرباً ومرة من حلبها وأذن ليعيش رواه > مالك . >