> يُورِدُ مُمْرِضٌ على مُصِحٌ ' وأمسك عن حديث ' لا عَدْوَى ' فراجعوه فيه ، فقالوا: سمعناك > تحدثه ، فأبى أن يعترف به . قال أبو سلمة الراوي عن أبي هريرة: فلا أدرى أنسي أبو هريرة > أو نسخ أحد القولين الآخر . > > وقد روى حديث ' لا عَدْوَى ' جماعة من الصحابة منهم أنس بن مالك ، وجابر بن > عبد الله ، والسائب بن يزيد ، وابن عمر وغيرهم ، فنسيان أبي هريرة له لا يضر . وفي بعض > روايات هذا الحديث ' وَفِر من المَجْذُومِ كما تَفِرّ من الأسَدِ ' وقد اختلف العلماء في ذلك > اختلافاً كثيراً فردت طائفة حديث ' لا عَدْوَى ' بأن أبا هريرة رجع عنه . قالوا: والأخبار الدالة > على الاجتناب أكثر فالمصير إليها أولى ، وهذا ليس بشيء ، لأن حديث ' لا عَدْوَى ' قد رواه > جماعة كما تقدم . > > وعكست طائفة هذا القول ، ورجحوا حديث ' لا عَدْوَى ' وزيفوا ما سواه من الأخبار ، > وأعلوا بعضها بالشذوذ كحديث ' فِر من المَجْذُومِ فرارك من الأسَدِ ' وبأن عائشة أنكرته كما > روى ابن جرير عنها: أن امرأته سألتها عنه فقالت: ما قال ذلك ، ولكنه قال: ' لا عَدْوَى ' > وقال: ' فَمن أَعْدَى الأَوَّلَ ' قالت: وكان لي مولى به هذا الداء ، فكان يأكل في صِحَافي ، > ويشْرَبُ في أَقْدَاحي ، وينام على فراشي . وهذا أيضاً ليس بشيء ، فإن الأحاديث في > الاجتناب ثابتة . > > وحملت طائفة أخرى الإثبات والنفي على حالتين مختلفين ، فحيث جاء لا عَدْوَى كان > المخاطب بذلك من قوي يقينه ، وصح توكله بحيث لا يستطيع أن يدفع عن نفسه اعتقاد > العدوى ، كما يستطيع أن يدفع التطير الذي يقع في نفس كل واحد ، لكن القوي اليقين لا > يتأثر به ، وهذا كما أن قوة الطبيعة تدفع العلة وتبطلها . وحيث جاء الإثبات كان المراد به > ضعيف الإيمان والتوكل ذكره بعض أصحابنا واختاره وفيه نظر . وقال مالك لما سئل عن > >