> > وقال ابن القيم: من اشتهر بإحسان الزجر عندهم سموه عائفاً ، وعرافاً . والمقصود من > هذا معرفة أن من يدعي علم شيء من المغيبات ، فهو إما داخل في اسم الكاهن ، وإما مشارك > له في المعنى فيلحق به ، وذلك أن إصابة المخبر ببعض الأمور الغائبة في بعض الأحيان يكون > بالكشف ، ومنه ما هو من الشياطين ، ويكون بالفأل ، والزجر ، والطير ، والضربِ بالحَصى ، > والخط في الأرض ، والتنجيم ، والكَهانة ، والسحر ، ونحو هذا من علوم الجاهلية . ونعني > بالجاهلية: كل من ليس من اتباع الرسل كالفلاسفة ، والكهان ، والمنجمين ، وجاهلية العرب > الذين كانوا قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم . فإن هذه علوم قوم ليس لهم علم بما جاءت به الرسل > عليهم السلام . وكل هذه الأمور يسمى صاحبها كاهناً وعرافاً أو في معناهما ، فمن أتاهم > فصدقهم بما يقولون لحقه الوعيد . وقد ورث هذه العلوم عنهم أقوام فادعوا بها علم الغيب > الذي استأثر الله تعالى بعلمه ، وادعوا أنهم أولياء ، وأن ذلك كرامة ، ولا ريب أن من ادّعى > الولاية ، واستدل عليها بإخباره ببعض المغيبات ، فهو من أولياء الشيطان لا من أولياء > الرحمن ، إذ الكرامة أمر يجريه الله على يد عبده المؤمن المتقي ، إما بدعاء أو أعمال صالحة > لا صنع للولي فيها ، ولا قدرة له عليها بخلاف من يدعي أنه ولي لله ويقول للناس: اعلموا > أني أعلم المغيبات ، فإن مثل هذه الأمور قد تحصل بما ذكرنا من الأسباب ، وإن كانت أسباباً > محرمة كاذبة في الغالب ، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم في وصف الكهان: ' فَيكْذبُونَ مَعها مائة كذبة ' > فبين أنهم يصدقون مرة ويكذبون مائة . وهكذا حال من سلك سبيل الكهان ممن يدعي > الولاية والعلم بما في ضمائر الناس مع أن نفس دعواه دليل على كذبه ، لأن في دعواه > الولاية تزكية النفس المنهي عنها بقوله: ! 2 < فلا تزكوا أنفسكم > 2 ! [ النجم: 32 ] وليس هذا من > شأن الأولياء ، بل شأنهم الإزراء على نفوسهم ، وعيبهم لها ، وخوفهم من ربهم . > > فكيف يأتون الناس يقولون: اعرفوا أنا أولياء ، وأنا نعلم الغيب . وفي ضمن ذلك طلب > المنزلة في قلوب الخلق ، واقتناص الدنيا بهذه الأمور وحسبك بحال الصحابة والتابعين وهم >